![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
* حتى في السعي للوصول إلى معرفة الناموس ذاته، لا يتأتى من مجرد النشاط في القراءة، بل بإرشاد الله لنا واستنارتنا به، إذ يقول المرتل: "طرقك يا ربُّ عرّفني. سُبُلك علمني" (مز 4:25). و"اكشف عن عينَّي، فأرى عجائب من شريعتك" (مز 18:119). و"علمني أن أعمل رضاك، لأنك أنت إلهي" (مز 10:143). وأيضًا "المعلم الإنسان معرفًة" (مز 10:94). وأكثر من هذا يسأل داود الله طالبًا الفهم، حتى يدرك وصايا الله، بالرغم من معرفته معرفة تامة أنها مكتوبة في كتاب الشريعة، فيقول: "عبدك أنا. فهّمني، فأعرف شهاداتك" (مز 125:119). بالتأكيد كان لدى داود الفهم الموهوب له بالطبيعة، كما كان لديه إلمام تام بمعرفة وصايا الله المحفوظة في كتاب الشريعة، ومع هذا نجده يظل مصليًا إلى الله لكي يعلمه الشريعة بإتقان... فما حصل عليه من فهم حسب الطبيعة لا يكفيه، ما لم ينر الله علي فهمه يوميًا، لكي يفهم الشريعة روحيًا، ويعرف وصاياه بوضوح. كذلك أعلن الإناء المختار هذا الأمر "لأن الله هو العامل فيكم أن تريدوا، وأن تعملوا من أجل المسرَّة" (في 13:2). أي وضوح أكثر من هذا أن مسرتنا وكمال عملنا يتم فينا بالكمال عن طريق الله؟! وأيضًا: "لأنه قد وهب لكم لأجل المسيح، لا أن تؤمنوا به فقط، بل أيضًا أن تتألموا لأجله"، وهنا يعلن بأن توبتنا وإيماننا واحتمالنا للآلام هذا كله عطية من الله. يعلم داود أيضًا بذلك فيصلي مثله لكي يوهب له هذا من قبل رحمة الله، قائلًا: "أيّد يَا الله هذا الذي فعلتهُ لنا" (مز 28:68)، مظهرًا أنه لا يكفي فقط أن يوهب لنا بداية الخلاص كهبة ونعمة من قبل الله، بل ويلزم أن يكمل ويتمم بنفس تحننه وعونه المستمر. لأن ليس بإرادتنا الحرة، إنما "الرب يطلق الأسرى"، ليس بقوتنا، لكن "الرب يُقوّم المُنحنين"، ليس بالنشاط في القراءة، بل "الرب يفتح أعين العُمْي"، ليس نحن الذين نعتني بل "الرب يحفظ الغرباءَ"، ليس نحن الذين نُعضد، إنما الله "يُعضد اليتيم والأرملة" (مز 7:146-9). الأنبا بفنوتيوس |
|