إن كانت عظات التماثيل لها شهرتها التي وجَّهت أنظار العالم المسيحي نحو القديس يوحنا الذهبي الفم ككوكبٍ مُنِيرٍ، فإنه يليق بنا ألا ننسى عظاته الثلاث على داود وشاول[5] التي ألقاها بنفس المناسبة، غالبًا ما ألقى هذه العظات قبل وصول الأب البطريرك من القسطنطينية ومعه قرار العفو، وربما كان قد وصل إلى أنطاكية فعلاً وفرح الكل بالقرار.
ركَّز القدِّيس على ما ورد في سفر صموئيل الأول، خاصة أصحاح 24 عن شاول ومعه ثلاثة آلاف رجل مُنتخَبين من جميع إسرائيل، كانوا يقتفون أثر داود لقتله، وإذ دخل شاول في كهفٍ وحده، وكان في يدي داود أن يقتله، أشار عليه رجاله: "هوذا اليوم الذي قال لك عنه الرب، هأنذا أدفع عدوك ليدك، فتفعل به ما يحسن في عينيك"، رفض داود مشورتهم. قطع داود طرف جبة شاول، وكان بعد ذلك أن قلب داود ضربه (1 صم 24: 4-5).
جاءت هذه العظات تكشف عن سمو شخصية داود، وعن دوره في تحويل شاول المُصَمِّم على الخلاص منه إلى الاعتراف ببرِّه، والتأكد من استلامه العرش. تُقَدِّم لنا هذه العظات جوانب كثيرة من شخصية داود.