![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() ترتيب الأسباط في الكتاب المقدس يُقَدِّم لنا الكتاب المقدس ترتيب الأسباط بطريقة متباينة حسب ظروف الموقف. وُضِعَ هذا التباين في ترتيب مُعَيَّن لأجل بنياننا. ففي كل موقفٍ يتلامس المؤمن مع الترتيب بما يمسُّ بنيان نفسه، وما يعلن عن حب الله ورعايته له. وإنني أرجو ما استطعت أن أقدم صورة لهذا التباين، بما يحثنا على الانطلاق بروح القوة والرجاء في رحلتنا في الحياة في صحبة المسيح. 1. الترتيب الطبيعي للأسباط حسب ميلاد بني يعقوب (تك 29-30) قدَّم لابان بنتيْه ليئة وراحيل ليعقوب. دبَّت الغيرة بينهما، كل منهما تود أن تسحب قلب يعقوب نحوها. اعتمدت راحيل على جمالها وقوة نظرها، بينما لم تكن ليئة جميلة في عينيّ رجلها، كما كانت عيناها ضعيفتين، قدَّمت كل منهما جاريتها ليعقوب لكي يزداد الأبناء المنسوبين إليها. قدَّم لنا الكتاب أول ترتيب للأسباط حسب الطبيعة، وليس حسب خطة الله مع أبناء يعقوب. كأن الكتاب المقدس يكشف لنا أنه لا يستطيع الإنسان أن ينتفع بشيءٍ خلال الفكر المُجَرَّد. v بالنسبة للجهلاء والحسِّيين تبدو الأمور الباطلة أكثر جمالاً من تعاليم الحق. العلامة أوريجينوس ![]() لا نعجب إن وضع الثلاثة أبناء المُذنِبين على رأس القائمة، وهم: أ. رأوبين، ارتكب خطية بشعة، إذ جاء قبل عرض القائمة: "وحدث إذ كان ساكنًا في تلك أرض أن رأوبين ذهب واضطجع مع بلهة سرية أبيه" (تك 35: 22). خطية الزنا بشعة للغاية، تُفقِد الإنسان طهارته واحترامه حتى لنفسه، إذ يشعر أنه عبد لشهوة جسدية تُحَرِّكه كيفما شاءت، فقد إرادته وسلطانه على حواسه وعواطفه، وأحيانًا يفقد كرامته. ومما يُضخِّم من هذه الخطية أنها كانت مصحوبة بالخيانة، إذ دنَّس فراش أبيه (تك 49: 4). ففقد احترامه لأسرته، خاصة لوالده. مما يزيد من مسئوليته أنه الابن البكر، لذا عاتبه أبوه، قائلاً: "أنت بكري، قوّتي، وأول قدرتي" (تك 49: 3). لو أن هذا صدر من ابنٍ مراهقٍ صغيرٍ لكانت الجريمة أهون. ب، ج. الأخوان القاتلان شمعون ولاوي (تك 34: 25-26). خرجت دينة أختهما لتنظر بنات الأرض، فاعتدى عليها شكيم بن حمور الأمر الذي أثار الأخوين فقاما بقتل الكثيرين ونهب المدينة وسبي الأطفال والنساء. تكدر يعقوب أبوهما جدًا، وقال لهما: "كدَّرْتماني بتكريهكما إيّاي عند سكان الأرض..." (تك 34: 30). وضع الثلاثة على رأس القائمة غايته أن كثير من الخطاة بتوبتهم يرجعون إلى الله، ويحتلون مركزًا ساميًا في كنيسة السيد المسيح. أحيانًا يفوقون السابقين، كما حدث مع ديماس اللص اليمين. ومع شاول الطرسوسي الذي يدعو نفسه أول الخطاة. إن كان الثلاثة قد أخطأوا، وكانوا غير أمناء. غير أن الله أمين في وعده مع إبراهيم أن يهب أولاده أرض الموعد. كأن هذه القائمة تدفعنا إلى حياة التوبة، التي تنقلنا كما إلى طغمة شبه سماوية، كما تفتح لنا الرجاء والثقة في وعود الله الصادقة. يقول الرسول: "إن كنا غير أمناء، فهو يبقى أمينًا لن يقدر أن ينكر نفسه" (2 تي 2: 13). v أيها الخاطي، عظيم هو فعلك إن تُبتَ!... إنك تقيم الخلقة بتوبتك إن شئتَ؛ هذه التي لم يخلق الرب في الخليقة أحسن منها. افعل الأمور الجديدة، وأظهر خليقة جديدة في العالم؛ وخذ الشرف الذي لا يفوقه شيء... الخلقة التي هُدِمَتْ يُقِيمها الإنسان بالتوبة؛ ابنِ بغيرتك النفس التي خربت من الصالحات. المثال العظيم الذي سقط وانكسَّر وصار هزءًا؛ إن أتقنتَ صنعته يُنظَر فيك. شخصُك العظيم الذي هو صورة الله، هَدَمَته الخطايا؛ أسنده أنت ليقوم بالتوبة. اقبل نعمة الله وأتقن شبهه، لأنه بحريتك فسد فيك ما أخذته. لولاك لما صار ذاك الفساد عظيمًا. أخذت صورة الله أيها الإنسان؛ اختر أن تتقنها. القديس مار يعقوب السروجي ذاك الذي يمسك العالم بقبضة يده، ارتضى أن يُولَد في المذود الضيِّق الحقير. لا أستطيع أن أصف الثلاثين عامًا التي قضاها فقيرًا، ونزل معهما (يوسف ومريم) وجاء إلى الناصرة، وكان خاضعًا لهما، وكانت أمه تحفظ جميع هذه الأمور في قلبها، "أما يسوع فكان يتقدَّم في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس" (لو 2: 51-52). عندما جُلِدَ صمت! وعندما صُلِبَ صلَّى لأجل صالبيه! "بماذا أكافئ الرب عن كل ما أعطانيه؟! كأس الخلاص آخذ، وأدعو باسم الرب". "عزيز في عيني الرب موت أتقيائه" (مز 116: 15). العمل اللائق الذي نستطيع أن نعمله نظير ما فعله معنا، هو أن نُقَدِّمَ دمًا بدمٍ. وبما أننا افتُدينا بدم المسيح، فلائق بنا أن نُقَدِّم حياتنا لمن افتدانا. القدِّيس إيرونيموس 3. عند انطلاقهم إلى مصر للِّقاء مع يوسف (تك 46: 8-25) إن كان يوسف قد سبق إخوته، فدخل إلى مصر كعبدٍ، وصار سجينًا، وصار مُدَبِّرًا لشعب مصر والبلاد المحيطة، يُقَدِّم لهم حنطة، سُجِّل اسمه في القائمة كواحدٍ منهم دون تمييز عنهم. بعد قول الكتاب: "وهذه أسماء بين إسرائيل الذين جاءوا إلى مصر" (تك 46: 8)، لم يبدأ بيوسف بكونه هو الذي ينقذهم ويعولهم في مجاعة كادت تهلكهم. وهو في هذا رمز للسيد المسيح الذي نزل إلى أرضنا "وحلَّ بيننا" (يو 1: 14) كواحدٍ منّا، شابهنا في كل شيء ماعدا الخطية. هكذا شابه يوسف إخوته في كل شيء ماعدا الكراهية؛ أحبَّهم بالرغم مما قدَّموه له من الشرِّ. جاء الترتيب كالآتي: 6 أبناء من ليئة: رأوبين ، شمعون، لاوي، يهوذا، يسّاكر، زبولون [8-14]. ابنان من زلفة: جاد وأشير [16-17]. ابنان من راحيل: يوسف وبنيامين [19]. ابنان من بلهة: دان ونفتالي [23-24]. 4. حسب الترتيب الرمزي والنبوي (تك 49) قُبَيْل نياحته "دعا يعقوب بنيه وقال: اجتمعوا لأُنبئكم بما يصيبكم في آخر الأيام" (تك 49: 1). بعد حياة مملوءة بالجهاد خلالها اغتصب يعقوب البركة والباكورية، واستحق رغم ضعفاته المتكررة أن ينال الوعد بمجيء المسيا من نسله، هذا الذي به تتبارك كل الأمم. تطلَّع إلى أولاده كأسباط منهم يخرج شعب الله الذي يتمتَّع بأرض الموعد، ويأتي المسيا المُخَلِّص، فانفتح لسانه ينطق بما يراه خلال روح النبوة أو خلال الظلال. كأنه بموسى الذي ارتفع على جبل نبو يتطلَّع من بعيد إلى أرض الموعد، فيفرح قلبه من أجل الشعب الذي ينعم بتحقيق الوعد الذي حُرِمَ هو منه[19]. رأى في رأوبين الابن البكر والثمر الطبيعي له من ليئة، الإنسان المُتَّكِل على بكورية الجسد أو أعمال الناموس، فيخسر بكورية الروح. لهذا حسبه كمن دنَّس مضطجع أبيه بتدنيسه الكنيسة عروس المسيح خلال برِّه الذاتي. ورأى في شمعون ولاوي، اللذين منهما جاء الكتبة والكهنة، وقد قاوموا السيد المسيح كلمة الله، يشيران إلى خطية المؤامرات الشريرة ومجالس الإثم المُفسِدة للخدمة وعمل الله. أما يهوذا، فرآه يُمَثِّل "الحمل" المصلوب، وفي نفس الوقت الأسد الغالب بالصليب. رأى السيد المسيح خارجًا من سبط يهوذا، يهب قوة قيامة لمؤمنيه. وكأنه لا يكفي أن نترك البرَّ الذاتي (رأوبين) ونرفض مجالس الشر (شمعون ولاوي)، وإنما يلزمنا الالتصاق بيهوذا الحقيقي لننعم بقوة قيامته عاملة فينا. بهذا ينطلق إلى "زبولون" الذي يشير إلى الانطلاق نحو البحر أو الاتجاه إلى الأمم للكرازة لهم. فمن يحمل يهوذا القائم فيه لا يقدر أن يحتمل رؤية الأمم في عدم إيمانهم، طالبًا خلاص كل إنسانٍ. تحدث بعد ذلك عن جاد بكونه يُهاجَم بجيشٍ لكنه يعود فيغلب، إشارة إلى المؤمن الذي يُحارَب كثيرًا، لكنه في النهاية ينتصر. لذا جاء بعده "أشير" بخبزه السمين أي غلاته متوافرة. فالحروب الروحية وإن كشفت ضعفاتنا، لكنها تعطي النفس قوة وتجعلها أكثر أثمارًا. بعد أشير تحدث عن نفتالي كإيله (مونث إيل) سريعة الحركة، كلماته عذبة مع الجميع، أما يوسف فيحمل في صُلْبِه سبطيْن منسى وأفرايم، فإن "يوسف" تعني "النمو" وذلك خلال نسيان هموم العالم والتمتُّع بالثمر المتزايد (أفرايم). أخيرًا يتحدث عن بنيامين "ابن اليمين" الذي ينعم بشركة المجد الأبدي. يمكننا في إيجاز القول بأن يعقوب رأى بروح النبوة في أولاده صورة حية للكنيسة المجاهدة في المسيح يسوع: ![]() أ. سبق أن قُدِّم ترتيبهم في دخولهم مصر (تك 46: 8-25)، وأصرَّ الوحي الإلهي ألا يفصل يوسف عن إخوته، مع أنه سبقهم منذ سنوات طويلة ليُعِدَّه الله كي يستقبل أباه وإخوته ويسندهم. الآن يبدو قد بلغوا مصر، وخرج يوسف يستقبلهم، ففي الترتيب فرز يوسف عنهم. فبكونه رمز للسيد المسيح مُخَلِّصنا وراعينا، فإنه وإن حلَّ بيننا وصار كواحدٍ منَّا، إلا إنه كلمة الله الأزلي الخالق، وهبنا أن نكون أعضاء جسده، خليقته المحبوبة لديه. ب. جاء جاد وأشير ابنا زلفة في مؤخرة السلسلة. 6. ترتيب الأسباط في التعداد (عد 1: 5-16) أول إحصاء لبني إسرائيل نسمع عنه، تمّ في البرية بعد الخروج، ويُلاحَظ فيه الآتي: أ. لم يُذكَر سبط لاوي، لأن هذا السبط مُكرَّس لخدمة خيمة الاجتماع، وبعد ذلك الهيكل مع تنظيم العبادة الخ. كان هذا السبط معفيًا من الجندية، ولا يرث نصيبًا في الأرض خاصًا به عند دخولهم أرض الموعد. إن صحَّ لنا القول إنهم كانوا أشبه بعشور الشعب المُقدَّم هبة من الشعب لله لخدمة بيته، لا يشغل نفسه بشيءٍ إلا بالعبادة والصلاة لحساب الشعب كله. ب. نُقِلَ أشير وجاد من موضعهما. ج. حلَّ ابنا يوسف أفرام ومنسّى محل أبيهما، وأخذ أفرايم الأولوية على أخيه الأكبر منسّى، لتأكيد أن الكرامة لا ترتبط بالسن أو البكورية الجسدية، هذا ما أعلنه يعقوب حين باركهما ووضع يمينه على الأصغر، ويساره على الأكبر عن عمدٍ، وليس سهوًا كما ظن يوسف، إذ ساء الأمر في عينيه" (تك 48: 14-22). 7. ترتيب الأسباط أثناء الإعداد للحرب (عد 1: 20-56) ويلاحظ فيه أن جاد لأكثر من مرة يتغيَّر ترتيبه. هنا يحتل موضع لاوي الذي لم يرد ذكره في التعداد. 8. ترتيب مواضع الأسباط حول خيمة الاجتماع (عد 2) سبق لنا الحديث عنه في دراستنا لسفر العدد الأصحاح الثاني. يرى العلامة أوريجينوس أن المحلة ككل تُشْبِه الصليب تحت قيادة يهوذا، السبط الذي جاءت منه القديسة مريم والدة الإله، حيث تجسد كلمة الله فيها، وفي وسط المحلة يوجد صليب صغير من الكهنة وموسى النبي وعشائر اللاويين الثلاث. وكأنه يليق بالكنيسة أن تسلك في البرية حاملة الصليب، تُصلَب مع عريسها. 9. ترتيب رؤساء الأسباط أثناء تكريس المذبح (عدد 7) ذات الترتيب الذي كان لمواضع الأسباط، باستثناء لاوي الذي كان من الطبيعي أن يختفي. اليوم الأول: قدم رئيس من سبط يهوذا. اليوم الثاني: قدم رئيس من سبط يسّاكر. اليوم الثالث: قدم رئيس من سبط زبولون. اليوم الرابع: رئيس من سبط بني رأوبين. اليوم الخامس: قدم رئيس من سبط جاد. اليوم السابع: قدم رئيس من سبط أفرايم. اليوم الثامن: قدم رئيس من سبط منسَّى. اليوم التاسع: قدم رئيس من سبط بنيامين. اليوم العاشر: قدم رئيس من سبط دان. اليوم الحادي عشر: من سبط أشير. اليوم الثاني عشر: قدم رئيس من سبط نفتالي. 10. ترتيب رؤوس الأسباط لتجسس الأرض (عد 13: 5-7). إذ حدث تذمُّر على موسى وهرون، اختير اثنا عشر جاسوسًا، واحد عن كل سبط. لم يلتزم بترتيب الأسباط بنظام مُعَيَّن. يكشف هذا الارتباك في ترتيب أسماء الأسباط عن ارتباك الشعب، وارتباك قلوبهم التي فقدت سلامها في الرب. 11. ترتيب الأسماء في التعداد بعد الوباء (عد 6) يُشْبِه الترتيب الخاص بالحرب، باستثناء أن منسّى يحتل الأولوية على أفرايم حسب ترتيب المواليد. ففي الحرب حيث يطلب الشعب نعمة الله أن تعمل تكون الأولوية لأفرايم، أما في هذا التعداد الذي لم يكن حسب فكر الله، بل أخطأ داود بطلب عمل الإحصاء صارت الأولوية لمنسّى. 12. ترتيب رؤساء الأسباط لتقسيم الأرض (عد 34: 18-29)[20] إذ صار إسرائيل على أبواب أرض الموعد، جاء ترتيب رؤساء الأسباط في هذه المرة مختلفًا تمامًا عمّا سبق: أ. صار رأوبين وجاد ونصف سبط منسَّى يُمَثِّلون وحدة واحدة، إذ اختاروا نصيبهم شرق الأردن، فحُذِفوا. ب. سابقًا كان القائد موسى النبي، الآن قد تمت رسالته عند البلوغ إلى حدود أرض الموعد، وصار القائدان هما يشوع رمز ليسوع المسيح القادر أن يَحْملَنا إلى كنعان السماوية، واليعازر الكاهن، ومعناه "الله مُعِين" ويُشِير إلى كهنوت السيد المسيح واهب الميراث الأبدي. حَدَّد الرب هيئة التقسيم بالأسماء: رئيس الكهنة أليعازر، يشوع بن نون القائد الأعظم، ورئيسٍ عن كل سبط من الأسباط الوارثة للأرض حدَّدهم بأسمائهم. وكان لابد أن يكون في مُقَدِّمتهم كالب بن يفنه، الذي جاء مع يشوع حاملاً عنقود العنب إلى الجيل السابق منذ سنوات طويلة! الأرض ليست غريبة عنه، فقد سبق فدخلها، وذاق ثمرها، وشهد لها، مُقَدِّمًا عربونًا لثمارها. هذا هو عمل الإنسان المسيحي أن يدخل الملكوت ويعيشه ويتمتَّع بثمره، مُقَدِّمًا عربونًا لإخوته، حتى متى جاء يوم الرب العظيم يتلألأ اسمه ككوكبٍ مُنِيرٍ، ويدخل حضن الله بدالة، لأنه مُتَمتِّع به قليلاً، وليس بغريبٍ عنه. قلنا إن يشوع رمز ليسوع المسيح، وأليعازر تعني "الله أعان"، أما كالب فمشتقة من "قلب"، وتشير إلى إخلاص القلب وغيرته في التمتُّع بالميراث الأبدي. وهكذا بقية أسماء الرؤساء تحمل معنى وتكشف عن سمات الذين ينعمون بالميراث، ويسندون إخوتهم في التمتُّع به: "شَمُوئِيل" يعني "الله قد سمع"؛ "أَلِيدَاد" يعني "من يُحِبُّه إلهي"؛ "بُقِّي" يعني "من يختبره الرب"؛ "حَنِّيئِيل" يعني "الله حنان"؛ "قَمُوئِيل" يعني "مجمع الله"؛ "أَلِيصَافَان" يعني "إلهي أخْفَى"؛ "فَلطِيئِيل" يعني "الله قد نَجَّى"؛ "أَخِيهُود" يعني "أخي عظيم"؛ "فَدَهْئِيل" يعني "الله افتدى". في اختصار، تكشف هذه الأسماء عن سمات الملكوت الأبدي بكونه هو عمل الله الفادي، وثمرة استماع الله لنا في ابنه، وسرّ محبته لنا فيه، وحنانه علينا، الذي يُنَجِّينا. إنه يعطي لمجمع القديسين في الله، المجمع الخفي فيه، فيه يرى كل منا أخاه عظيمًا، فيفرح ويُسَر بأمجاد الآخرين. 13. ترتيب الأسباط على جبلي جرزيم وعيبال (تث 27)[21] وقف ستة أسباط على جبل جرزيم ينطقون بالبركات، وستة أسباط على جبل عيبال ينطقون باللعنات (1 أخ 27: 12-13). الأسباط المختارة للبركة كانت من أولاد ليئة وراحيل. أمَّا الأسباط المختارة لإعلان اللعنة على جبل عيبال، فهي جاد وأشير من زلفة أمَة ليئة، ودان ونفتالي من بلهة أمَة راحيل، وزبولون ورأوبين من ليئة، أمَّا اللاويُّون (أي الكهنة المنوطون بهذا العمل وليس كل سبط لاوي) فكانوا غالبًا في منطقة متوسِّطة بين الجبلين (يش 8: 33)، يعلنون البركة واللعنة بصوت عالٍ ليسمعهم الكل. لم يذكر هنا البركات بل اللعنات، ويرى اليهود أنَّه كان ينطق باللعنة وما يُقابِلها من البركة[22]. يظن البعض استحالة وصول الصوت إلى الشعب حين يعلن كل فريق البركة أو اللعنة، لكن بالتجربة المعاصرة ثبت أنَّه يمكن بسهولة سماع الصوت وبطريقة واضحة، خاصة وأن الناطقين كانوا جماعة كبيرة وليس فردًا واحدًا. جاءت اللعنات الخاصة بالعصيان أو كسر إحدى الوصايا العشرة والبركات الخاصة بالطاعة للوصيَّة، إنَّما كمفتاح للشعب كي يتمتَّعوا بالأرض، ويمتلئوا رجاءً في السماء عينها! جاءت اللعنات مبتدئة بالخطايا الموجَّهة ضدّ الله نفسه مباشرة، كعبادة الأوثان [15]، ثم ضدّ الوالدين [16]، وضدّ العدالة الاجتماعيَّة [17]، ثم ضدّ المنكسرين والمحتاجين [18-19]. أي بدأ بالله فالوالديْن فالمجتمع عامة ثم فئة المعوزِّين. يلي هذا اللعنات ضدّ الطهارة والعفَّة [20-23] ثم القتل [24-25]، وأخيرًا قدَّم وصيَّة عامة خاصة بحفظ الوصايا. v أقول خضع الشعب لهذه اللعنة، لأنَّه لا يوجد إنسان استمرَّ عاملاً كل الناموس أو حافظًا له، لكن المسيح حوَّل هذه اللعنة بلعنةٍ أخرى "ملعون من عُلِّق على خشبة". بهذا كل من عُلِّق على شجرة ومن عصى الناموس صار ملعونًا، وكان من الضروري لذاك الذي يريد أن يُحرِّر من اللعنة أن يكون هو نفسه حرًا منها. لهذا أخذ المسيح على نفسه اللعنة الأخرى ليُحرِّرنا من اللعنة. هذا يُشْبِه إنسانًا بريئًا تعهَّد أن يَقْبَلَ حكم الموت عن آخر، وبهذا خلَّصه من العقوبة. إذ أخذ المسيح على نفسه ليس لعنة العصيان، بل اللعنة الأخرى لينزع اللعنة عن الآخرين. إذ "لم يعمل ظلمًا، ولم يكن في فمه غش" (إش 51: 9؛ 1 بط 2: 22). وبموته خلَّص المائتين من الموت، وبحمله اللعنة خلَّصهم منها. القديس يوحنا الذهبي الفم 14. ترتيب الأسباط في مباركة موسى لهم (تث 33) إذ جاءت لحظات انتقال موسى من هذا العالم، لم يقف عند تسليم يشوع عجلة القيادة ومساندته، وتقديم وصية ختامية للشعب الخ، إنما بارك شعبه سبطًا سبطًا، كما سبق فبارك يعقوب أولاده عند نياحته. ويلاحظ في مباركته للأسباط الآتي: أ. بدأ بسبط رأوبين، فإنه وإن كان قد فقد بكوريته بسبب تدنيسه مضجع أبيه، وهو ابن ليئة المكروهة، غير أن الله لم يتركه. هذا ما يؤكده موسى النبي "ليحيا رأوبين ولا يمت، ولا يكن رجاله قليلين" (تث 33: 6). ب. سبط يهوذا حيث يصير السبط الملوكي، ينال وعدًا أن بيت داود يملك إلى الأبد. ج. يبارك سبط لاوي بكونه السبط الكهنوتي المسئول عن قيادة الكل للعبادة، وتقديم التعليم السليم بلا انحراف. وقد اهتم الكتاب بالربط بين العمل القيادي الملكي والعمل الكهنوتي، فإن ربَّ المجد هو ملك الملوك ورئيس الكهنة السماوي. عند مباركته ليوسف يُقَدِّم البركة لأفرايم ويعطيه "ربوات"، ولأخيه منسّى ويعطيه الألوف. نجد أن شمعون محذوف. 15. ترتيب الأسباط عند توزيع أرض الموعد غرب الأردن (يش 15-21). أعطى موسى رأوبين وجاد ونصف سبط منسَّى الضفة الشرقية من نهر الأردن (يش 13: 15-29). الآن أقيمت القرعة لمعرفة مشيئة الله في تقسيم الأرض، وقد تمَّ ترتيب الأسباط في التقسيم هكذا: أ. بدأ بالقرعة لسبط يهوذا (يش 15: 1)، بكونه السبط الملكي. ب. القرعة لمنسى وأفرايم، إذ صار ليوسف الذي قابل كراهية إخوته بالحب، ففتح لهم قلبه وعالهم في غربتهم، فصار له سبطان باسميّ ابنيه منسّى البكر (نصف السبط)، وأفرايم (يش 16: 1؛ 17: 1، 17-18). ج. تقسيم المتبقِّي على سبعة أقسام للأسباط السبعة المتراخين عند الدخول لامتلاك الأرض التي أعطاهم إيّاها الرب (يش 18: 2-5)، فألقى يشوع قرعة في شيلوه أمام الرب، وهناك قسم الأرض لبني إسرائيل حسب فرّقهم (يش 18: 10)، وجاء ترتيبهم هكذا: بنيامين، شمعون (يش 19: 1)، زبولون (يش 19: 10)، يسّاكر (يش 19: 17)، أشير (يش 19: 24)، نفتالي (يش 19: 32)، دان (يش 19: 40). 16. ترتيب الأسباط في أخبار الأيام الأول (1 أخ 2: 1-2) لم يلتزم بالترتيب حسب الميلاد الطبيعي، إنما يبدو كما لو كان بغير نظامٍ طبيعيٍ، إنما حسب النعمة الإلهية ومقاصد الله، كما رأينا في دراستنا لهذا الأصحاح (1 أي 2). 17. ترتيب الأسباط في كنيسة العهد الجديد السماوية (حز 48) يلاحظ فيه التالي: أ. لا يخصص سبط مُعَيَّن لخدمة المدينة (1 أخ 48: 19)، إشارة إلى عدم تكريس أُمَّة مُعَيَّنة وحدها للكهنوت، بل يتمتَّع به كهنة من كل الشعوب والأمم في المسيح يسوع. هذا بجانب الكهنوت العلماني العام في مياه المعمودية. ب. اللاويون في مركز القدس. ج. أبناء الزوجتين الشرعيتين قريبون من القدس، والذين من الجواري ففي أقصى الحدود. يهوذا وبنيامين، أي الملك وابن اليمين، واحد إلى الشمال، والآخر إلى الجنوب. رأوبين وشمعون اللذان فقدا حقوقهما بحسب الطبيعة، من جانب ومن جانب آخر. يسّاكر وزلولون ابنا ليئة إلى الجنوب. منسّى وأفرايم ابنا راحيل إلى الشمال. أفرايم أقرب إلى القدس من منسّى. جاد بن زلفة إلى الجنوب. ونفتالي بن بلهة إلى الشمال. دان نصيبه في الأرض آخر الأسباط من جهة الشمال، وهو أبعد ما يكون عن القدس. أشير بعد جاد إلى الجنوب، بعده دان أقصى الشمال. 18. ترتيب الأسباط في الحديث عن الأبدية (رؤ 7) يلاحظ فيه الآتي: أ. نزع كل تمييز بين الأسباط، باستثناء يهوذا الذي يشغل المكان الأول، حيث يضم ابن داود الكنيسة كلها إليه كعروسٍ سماويةٍ. ب. حذف دان تمامًا، لأنه يشير إلى ضد المسيح. ج. يُختم لاوي مع بقية الأسباط، لأن الكل يتمتَّع بالرب نصيبه، ولا توجد أرض تُوزَّع على الأسباط. د. لا ينقسم سبط منسَّى إلى نصف في شرق الأردن ونصف في غربه، إذ لا يوجد انقسام في السماء، بل توجد الكنيسة الواحدة الوحيدة الجامعة! |
![]() |
|