منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 16 - 12 - 2024, 12:53 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,305,143

نصرة الجُلجُثَة




نصرة الجُلجُثَة


«الرَّبُّ رَجُلُ الْحَرْبِ. الرَّبُّ اسْمُهُ»

(خر15: 3)
يحكي لنا التاريخ عن معاركٍ كثيرة وملاحمَ عديدة تختلف في أسبابها وتتباين في تكتيكاتها، ولكننا الآن أمام معركة، ونحن نطَّلِعُ على ملفاتها نجد عبارة ”سرِّي للغاية“. فكيف نستطيع الاطلاع على ملفات عسكريَّة، خاصة بمعركة مصيريَّة، مكتوب عليها ”سري للغاية“؟ هذا أمرٌ مستحيل لا قبل ولا أثناء المعركة. فلا يمكن لأحد الاطِّلاع على مثل هذه المَلَفَّات.

ولكن بعد انتهاء المعركة، ولا سيما وقد انتهت بالانتصار، فلا مانع من الاطِّلاع على الملفَّات لمن استفادوا من نتائجها المباركة، فمعرفتهم لهذه الأسرار، تقودهم لتقديم الشكر والولاء للقائد المظفَّر، والمحارب المنتصر، الذي خاض هذه المعركة.

التخطيط لهذه المعركة
بدأ التخطيط لهذه المعركة في الأزل، في مجلس اللاهوت (الآب والابن والروح القدس)، في غرفة عمليات المشورات الإلهية. وقد وقع الاختيار على أقنوم الابن ليقوم بهذه المهمة الصعبة، وهو قَبِلَ التكليف الأزلي بسرور (1بط1: 20؛ عب9: 14).

والمسيح هو ”رَجُلُ الْحَرْبِ“ (خر15: 3)؛ أي أنه هو المحارب الذي خاض هذه المعركة بمفرده. والخصم في هذه المعركة هو الشيطان الذي، عن طريق دخول الخطية إلى العالم، استعبد وعربد، وصال وجال، وأفسد كل شيء. فأمسى العالم في ظلمة أدبية حالكة، من جهل وعمى، أدَّت بالناس إلى القتل والدمار، والخزي والعار، وظل الإنسان المسكين يعاني مُدَّة أربعة آلاف سنة.
ولكن في خلال هذه الفترة كان هذا القائد العظيم والمحارب الشجاع يَشِنُّ حروبـًا على الشيطان، ولكنها كانت بما يشبه المناورات التي تسبق المعركة. لم تكن هذه المناورات تدريبية، حاشا! فرجل الحرب لا يحتاج أي تدريب، ولكِنَّها كانت تطمينية للإنسان، لكي يعرف أن معركة عظيمة عتيدة أن تحدث فتغير مجرى التاريخ ومصير البشرية.

وإليك بعض الصور المُشَرِّفَة لهذه المناورات:
ففي خروج 14 عندما أنقذ شعبه بذراع شديدة، وغرقت مركبات فرعون في بحر سوف، تغنّى موسى لهذا القائد العظيم ويخلع عليه لقبـًا يليق به: «الرَّبُّ رَجُلُ الْحَرْبِ. الرَّبُّ اسْمُهُ». وتوالت صور المناورات عبر التاريخ، نذكر منها - على سبيل المثال لا الحصر - معارك سفر يشوع التي انتصر فيها يشوع، ومعارك سفر القضاة التي انتصر فيها جدعون وباراق ويفتاح وشمشون، ومعارك سفر صموئيل وانتصارات داود الكثيرة وأشهرها انتصاره على جليات الجتي، ومعارك سفر الملوك وانتصارات حزقيا ويهوشافاط ... إلخ. كل هذه كانت إرهاصات لمعركة كبيرة يمكن أن تسمى ”معركة الحسم“.

ساعة الصفر
لقد عين مجلس اللاهوت ساعة الصفر؛ ساعة بدء المعركة أو الضربة الأولى زمانـًا ومكانـًا. فلم يكن مكان المعركة هذه المرة عند بحر سوف (خر14)، أو نهر قيشون (قض4)، أو تلَّ مورة (قض7)،.. إلخ. فهذه كانت مواقع انتصارات أولية لهذا القائد العظيم، بل اُختير مكان المعركة هذه المرة في موضع الجلجثة، الذي تفسيره ”جمجمة“ أي الموت. وذلك لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس.
وبدقة متناهية تحدَّدت ساعة الصفر الساعة السادسة في منتصف يوم الجمعة، بعد أن يكون الخصم الشرس قد أفرغ كل ما في جعبتهِ من سهام، وما في جوفهِ من سموم؛ تارة عن طريق الأصدقاء من هروب وإنكار وخيانة، وتارة عن طريق الأعداء من سخرية وتعيير وإهانة. وهو يقفُ مزهوًا فخورًا، معتزًا جَسُورًا. يصول على ألسنة الحاقدين، مستهزئًا. ويجول على مشاعر المحبين، مُرعبـًا.

ومع دقات الساعة السادسة (الثانية عشر ظهرًا بتوقيتنا الحالي) حدث شيءٌ لم يتوقعه إنسان، شيءٌ ارتجف له الوجدان، وتشيب لهوله الولدان. ففي رابعة النهار صدرت الأوامر للشمس بأن تحجب نورها، فصارت ظلمة حالكة على الأرض كلها إلى الساعة التاسعة. وعندها صرخ يسوع بصوتٍ عظيمٍ «إِلَهِي، إِلَهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟». وقد سمع هذه الصرخة كل الواقفين في محيط الجلجثة. فما كان من غبائهم وجهلهم المُطبق إلا أنهم قالوا ««إِنَّهُ يُنَادِي إِيلِيَّا» (مت27: 36، 47) ولم يعلم هؤلاء أن هذا المحارب الذي نزل ميدان المعركة، يتصل بالقيادة العليا، في غرفة عمليات مجلس اللاهوت.

لم يفهم أولئك المتواجدون في موضع الجلجثة معنى هذه العبارة. وقبلها كانت هناك صرخات تعلو عن المُعَدَّل الطبيعي لتردد الموجات الصوتية الذي تسمعه الأذن البشرية، فلم تستطع أذان الواقفين في محيط الجلجثة أن تسمعه. ولكن آذان الأنبياء السابقين، والتي كانت مجهَّزة بتقنيات عالية، استطاعت أن ترصد لنا بعضًا من تلك الصرخات بأجهزة النبوة المتطورة وسجَّلتها لنا؛ فمنهم من رصد عبارة: «عَلَيَّ اسْتَقَرَّ غَضَبُكَ، وَبِكُلِّ تَيَّارَاتِكَ ذَلَّلْتَنِي» (مز88: 7). ومنهم من التقط عبارة: «غَمْرٌ يُنَادِي غَمْرًا عِنْدَ صَوْتِ مَيَازِيبِكَ. كُلُّ تَيَّارَاتِكَ وَلُجَجِكَ طَمَتْ عَلَيَّ» (مز42: 7). وآخر التقط عبارة تقول: «يَبِسَتْ مِثْلَ شَقْفَةٍ قُوَّتِي، وَلَصِقَ لِسَانِي بِحَنَكِي، وَإِلَى تُرَابِ الْمَوْتِ تَضَعُنِي» (مز22: 15). ومنهم من رصد عبارة أتت من القيادة تقول: «اِسْتَيْقِظْ يَا سَيْفُ عَلَى رَاعِيَّ، وَعَلَى رَجُلِ رِفْقَتِي يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ. اضْرِبِ الرَّاعِيَ» (زك13: 7).

إزاء هذا، إذ بالشيطان يقف خائفـًا مذعورًا بعد أن كان هائجـًا جسورًا، إذ كان لا يدري ماذا كان يحدث. ولم يستطع فك رموز تلك الشفرات، فوقف مرتجفـًا حائرًا، تُحيط به جموع قـوَّاده، وحشود قـَّواته، من رياسات وسلاطين وأجناد ومرؤوسين؛ رومان ويهود حاقدين. والكل لا يعرف ماذا؟! ولماذا؟! بل كل مَن كان هناك اصطكت ركبتاه، وانحلت خرز حقويه. فها هي الظلمة تغطي الأرض كلها، وكانت هناك أيضًا” زلزلة عظيمة“ - لو قيست بمقياس ريختر لسُجِّلت أعلى القراءات «الأَرْضُ تَزَلْزَلَتْ، وَالصُّخُورُ تَشَقَّقَتْ» (مت27: 51). يا للهول! هل الكون بدأ يتفكك هل انحلَّت عناصره وتفككت قواعده. وهنا انهارت أسطورة العدو الذي لا يُقهر. فبدأ يولي الأدبار. لكن هيهات فأين يهرب؟ وإلى أين يذهب؟ وقبل أن يشرع في ذلك، إذ بالرب المُعَلَّق على الصليب، وبعد أن وفَّي حق العدالة الإلهية، من شراء وفداء، وبعد أن قال: «قَدْ أُكْمِلَ»، وبعد أن ارتدَّت كل سهام الأعداء إلى نحورهم، وسيوفهم إلى صدورهم، وخناجرهم إلى حناجرهم، وساد صمتٌ رهيب وخرست الألسنة المُتطاوِلة؛ إذ بالمُعَلّق على الصليب، والمُسَمَّر بالمسامير، والمصلوب من ضعفٍ، يُجرِّد الرياسات والسلاطين من كل رتبة وسلطان، ويشهرهم جهارًا أمام كل الأكوان، ظافرًا بهم في الصليب (كو2: 15).

وبعدها أسلم الروح ومات، ودُفِنَ في قبرٍ مستعار، والخصم قد ظن بأنه ظفر، إذ دُفِنَ الرب يسوع وخُتِمَ الحجر، وقبل أن يلتقط العدو أنفاسه، فوجئ ببزوغ فجر القيامة في اليوم الثالث. فكانت الهزيمة مضاعفة، والنصر أيضـًا مضاعفـًا؛ لقد مات المسيح على الصليب «أُسْلِمَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا»، ولكنه «أُقِيمَ لأَجْلِ تَبْرِيرِنَا». فقد كانت نتيجة الانتصار ليس العفو من جهنم بالموت، بل التأهيل للسماء بالتبرير بالقيامة. وهذا الانتصار مُمْتدّ المفعول ومن حق كل مؤمن أن يستمتع به.
.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
وهبتني نصرة فوق نصرة بنعمتك العجيبة
لا توجد نصرة أعظم من نصرة الإنسان على أهوائه.
نشرة الظهيرة
نشرة الظهيرة
نشرة الظهيرة


الساعة الآن 08:53 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025