![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() يظن البعض أن التمييز بين نوع وآخر من الآلام لا يُجدي كثيرًا وذلك لأن الألم مشترك فيها جميعًا. هذا الظن خاطئ، والصحيح هو أن ليست كل الآلام واحدة، فميراث جميع المؤمنين هو “الضيق”، بينما ميراث الأمناء منهم هو “الاضطهاد”، حين ترى بعينيك وتحس في جسدك أو في نفسك بوطأة الظلم واقعة عليك، من مخلوق مثلك. وبقدر ما يكون المظلوم بريئًا ونبيلاً، بقدر ما تهتز أحاسيسه من الظلم الذي يحيق به. لكن إذا جاء الاضطهاد والافتراء من الأقربين، كانت وطأته أشد، وكانت مرارته أقسى. أي ضربة تُحدث ألمًا، سواء جاءت من عدو أو من صديق، لكن الأثر الأدبي يختلف اختلافًا كبيرًا. إن جاءت الضربة من عدو تجرح أو تكسر، لكن إن جاءت من صديق أو قريب، فهي تفتت القلب وتسحقه إلى درجة اليأس. عندما طعن “كاسكا” يوليوس قيصر بسيفه في عنقه، انبرى له ذلك المحارب الفذ ليحمي نفسه بدرعه الذي على ذراعه اليمنى، بكل المهارة والشجاعة التي لازمته في الخمسمائة معركة التي خاضها، ولم يحفل كثيرًا بأعدائه الكثيرين من حوله. وبكل شجاعة وشهامة لم تلن عزيمته أمام اثنين وعشرين طعنة تلقاها منهم، لكنه لما رأى فجأة صديقه الحميم “بروتس” يقدم في وسطهم، ويطعنه في أحشائه، ارتخت يداه، وخارت عزيمته، وقال له: “حتى أنت يا بروتس؟!” وغطى وجهه بعباءته، وخرَّ صريعًا أمامهم. |
![]() |
|