ثق أن الله يُجري قصده في صلاح ومحبة وبحكمة
وخير لنا كل الخير أن لا نحكم في أمور الله العظيمة العالية، بحواس ضئيلة وصغيرة، فالله وحده هو الذي يُفسِّر عمله ويُفسِّر نفسه. لكن رغم أن كل ما ذكرناه سابقًا صحيح بصفة عامة، فالصحيح أيضًا أن التأديب في حياة يعقوب، كان بالفعل نتيجة أخطاء وغلطات ارتكبها. كان يعقوب مع الله مُعاندًا، ومع الناس مخادعًا، ومع بيته متهاونًا في أغلب حياته، وليس بمستغرب أن تكون النتيجة عارًا وهوانًا نتيجة أعماله. كان يعقوب على دولاب الفخاري كل حياته، وسلك الله معه لا بالقسوة بل بالحكمة. نعم، حطَّمته السنون وهدَّته المصائب، نكاد نقول إنه استُعبد في حاران، وظُلم وخُدع كثيرًا من لابان، الذي غُيّر أجرته عشر مرات. تألم كثيرًا وعانى أكثر. ولكن في كل ذلك كان التأديب يتكامل مع الزمان.
مرة قال بطرس الأكبر إمبراطور روسيا: “إن السويديين قد يهزموننا إلى زمان، لكنهم سوف يعلِّموننا كيف نهزمهم”، وهذا ما حدث مع يعقوب؛ تعلَّم أخيرًا، من تأديبات القدير، أن البركة ومقاصد الله لا تضيع بأخطاء الآخرين (إسحاق)، ولا تحتاج إلى تخطيط الأقربين (رفقة)، ولا تعتمد على ذكاء الذهن البشري العقيم (يعقوب)، بل البركة وكل البركة في التسليم لله والطاعة لفكره.