حياة البذل
(بـقـلـم قـداسـة الـبـابـا شـنـودة)
كل ما يطلبه الله منك هو قلبك: "يا أبنى أعطنى قلبك".. وهو عندما يطلب قلبك، إنما يطلب حبك. ودليل الحب هو البذل.
ومن هنا كانت الحياة الروحية هى حياة البذل، بذل كل شيء حتى الحياة ذاتها. ومغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ.
لابد أن تترك شيئًا من أجل الله، لتثبت محبتك لله. ويعتبر حبك عظيمًا كلما عظم ما تتركه لأجله.
أنظر إلى إبراهيم أب الآباء، كيف بدأ علاقته مع الله..؟ بدأها بقول الرب له " أخرج من أرضك، ومن عشيرتك، ومن بيت أبيك، إلى الأرض التي أريك" (تك 12).
ومن أجل الله ترك بيت أبيه وأسرته ووطنه . فهل أكتفى الله بهذا؟ كلا لقد قال له حتى في أرض غربته " خذ إبنك وحيدك، الذي تحبه إسحق. وأصعده هناك محرقة".. وأطاع إبراهيم وذهب ليقدم إبنه.. موسى أيضا، من أجل الله ترك الأمارة، والقصر الملكى، والغنى والسيطرة " حاسبًا عار المسيح غنى أعظم من خزائن مصر" (عب 11: 26).
والرسل قالوا للسيد المسيح "تركنا كل شيء وتبعناك".. وقال بولس الرسول "من أجله خسرت كل الأشياء وأنا أحسبها نفاية، لكي أربح المسيح "(فى 3: 8).
والبذل يصل إلى قمته عندما تبذل كل شئ: كالأرملة التي دفعت الفلسين، والأرملة التي أعطت كل طعامها في المجاعة لإيليا النبى.. " بع كل مالك، وتعال أتبعنى، حاملًا الصليب " الله نفسه أعطانا مثال البذل " هكذا أحب الله العالم، حتى بذل إبنه الوحيد"، "ليس لأحد حب أعظم من هذا: أن يضع أحد نفسه من أجل أحبائه" (يو 15: 13).
والشهداء بذلوا ذواتهم "ولم يحبوا حياتهم حتى الموت"، من أجل محبتهم للسيد المسيح.
وأنت أيها العزيز.. ماذا بذلت من أجل المسيح، الذي من أجلك أخلى ذاته، وأخذ شكل العبد، ومات على الصليب؟ لست أطلب منك الآن أن تبذل من أجله الحياة كالشهداء (فلهذا الأمر زمان خاص) وإنما أهم شيء تتركه من أجله هو أن تترك خطاياك المحبوبة