لقد وفى المسيح - له المجد - في عمله الكهنوتي الكامل الذي جعل ثيابه تملأ الهيكل، كل مطاليب تفرّد أو قُل قداسة الله. فجعل أناس مثلنا “سُكَّانُ بُيُوتٍ مِنْ طِينٍ، الَّذِينَ أَسَاسُهُمْ فِي التُّرَابِ، وَيُسْحَقُونَ مِثْلَ الْعُثِّ” (أي4: 19) لهم شركة مع الله القدوس رغم مقاييسه السامية العالية، ولهم «ثِقَةٌ بِالدُّخُولِ إِلَى “الأَقْدَاسِ” بِدَمِ يَسُوعَ» (عب10: 19). تلك الأقداس التي ترتجف لها الطبيعة وتحترق، ويرتعب منها الأنبياء ويرتعد لأجلها الملائكة السامية الرتبة!
وهكذا نقرأ في رسالة أفسس أن المسيح وضعنا في مكانة حتى الملائكة القديسين لا يستطيعون أن يصلوا إليها، فيقول عن الله أبينا إنه «أَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» (أف2: 6). هل قال إنه “أجلسنا”؟ نعم. لقد رأى إشعياء جالس وحيد هو الرب يسوع، ولكن بولس الرسول يرانا نحن أيضًا جالسين.
ولكن كيف تقابل الله القدوس معنا نحن الخلائق الساقطة؟ لقد أحضرنا الله أبونا إليه، عن طريق ابنه (إذ قدمه كفارة توفي مطاليب قداسته) فأصبحنا «قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ» (أف1: 4). نعم فهو ليس فقط لم يَعُد يرانا بلا لوم، بل أيضًا قديسين. أي أننا أصبحنا في حالة تؤهِّلنا للشركة الكاملة معه، التي لا يتمتع بها حتى السرافيم، لأننا صرنا مقدَّسين في المسيح “الْمَحْبُوبِ” القدوس. فنحن الآن عرفنا أشياء ونتمتع بأشياء “تَشْتَهِي الْمَلاَئِكَةُ أَنْ تَطَّلِعَ عَلَيْهَا” (1بط1: 12).