سلطان الله في إدارة خليقته

[Mary Naeem]

سلطان الله في إدارة خليقته
الله لم يخلق خليقته ثم تركها لتُدار بما يسمونه “قوانين الطبيعة”، ولكنه هو بذاته الذي يدير خليقته، وهذا حقه. ما الذي يضمن أن لا تتكرر حادثة أخرى كحادثة الطوفان؟ كيف نطمئن ونحن نعيش على الأرض التي جوفها من الداخل ملتهب؟ ما الذي يضمن أن لا تخرج الأرض عن مساراها المحدَّد لها؟ الإجابة أنه الله الذي يدير خليقته بروعة واقتدار فهو “حَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ” (عب1: 3).
أ) الله هو المتحكم في المادة غير الحية
الله له سلطان مثلاً على النور والنار، «قَالَ اللهُ: لِيَكُنْ نُورٌ، فَكَانَ نُورٌ» (تك1: 3)، وحوَّل النور إلى ظلمة عندما ضرب أرض مصر. وأرسل نارًا على سدوم وعمورة والمدن التي حولهما دون أن تمتد النار إلى أي مكان آخر، وجعل النار لا تؤثر في الرفاق الثلاثة في بابل، بينما أكلت الجبابرة الذين ألقوهم!
الله له سلطان على الماء، حوَّل الماء إلى دم عندما ضرب أرض مصر، جعل المياه تنتصب في البحر الأحمر حتى يعبر شعبه، ثم أرجعها على فرعون والمصريين. سلطانه على الماء نراه في الأمطار؛ قد يرسل المطر على مدينة دون الأخرى، أو ضيعة دون الأخرى (عا4: 7-10)، وقد يرسل المطر في شكل ثلج أو صقيع أو جمد أو برد، ثم يذيبه فيتحول لماء (مز147: 15-18).
الله له سلطان على الأرض فقد جعلها تفتح فاها وتبتلع قورح وعائلته. كما أن له سلطان على الأجرام السماوية؛ أرجع الشمس عشر درجات للخلف في درجات أحاز، وأرسل نجم للمجوس يحكى لهم عن مولد ملك اليهود، وأوقف الشمس في كبد السماء في أيام يشوع!
ب) الله هو المتحكم في الحيوانات العجماء
جعل كل الحيوانات تخضع لنوح وتدخل الفلك. وأرسل الضفادع على كل أرض مصر حتى إلى البيوت والمعاجن والتنانير دون أن تدخل بيوت العبرانيين (خر8: 3). وأرسل الغربان لإطعام إيليا، وجعل الكلاب تلحس دماء إيزابل. وبَّخ بلعام النبي الأحمق بحمار أعجم، وجعل الأسد يضرب النبي المُرسل ليربعام ويقتله دون أن يفترسه أو يفترس حماره. أرسل سمكة كبيرة لتبتلع يونان، وسمكة صغيرة لتعطى بطرس الإستار الذي سبق وابتلعته. أخضع البقرتين المرضعتين لتحملا التابوت إلى بيتشمس، بالرغم من ربط أولادهما في البيت، وبالرغم من أنهما لم يعلهُما نيرٌ من قبل، ومع ذلك تحركوا كما يريد الله.
ج) الله هو المتحكم في كل الناس
قال بولس للوثنيين عن الله «لأَنَّنَا بِهِ نَحْيَا وَنَتَحَرَّكُ وَنُوجَدُ» (أع17: 28) قبل أن يذكر أنه عِلَّة وجودنا لأنه خالقنا.
ولأن الله هو كلى السلطان في كل الناس فقد أحبط مخطط بناء برج بابل. حاول إسحاق أن يُعطي البركة لعيسو، ولكنها صارت ليعقوب كما قرر الله قبلاً. حاول إخوة يوسف أن يحطموه ولكن كلمة الرب تمَّت ومَلَك يوسف عليهم بل وعلى كل أرض مصر. رفض فرعون أن يُطلق إسرائيل وتحدّى الله، وفى النهاية أطلق إسرائيل. حاول بالاق أن يلعن الشعب على فم بلعام، وحول الله اللعنة إلى بركة. حاول هامان أن يُهلك جنس إسرائيل وهلك هو ونجا الشعب.
وسلطان الله يظهر في تعيينه للخدَّام، لقد اختار موسى لا هارون مع أن الأخير طليق في الكلام، بخلاف الأول. أعطى واحد من عبيده خمسة وزنات، وأعطى الآخر وزنتين، وأعطى الأخير وزنة واحدة (مت15: 15) لماذا؟ لأنه صاحب السلطان.
فرَّط موسى بشفتيه فلم يدخل أرض كنعان، وتذمر إيليا فأخذه في مركبة نارية إلى السماء. صلى موسى حتى لا يموت ويدخل ويرى الأرض، ورُفض طلبه، وصلى حزقيا أن يعيش ولا يموت، وبالفعل لم يمت وأضاف الله خمسة عشرة سنة لعمره.
د) الله هو المتحكم في الملائكة سواء الأبرار أو الأشرار
أرسل الله ملاكًا ليخرج بطرس من السجن، وأرسل آخر ليضرب مئة وخمسًا وثمانين ألفًا من جيش سنحاريب، وأرسل ملاك لأجل دانيآل وسد أفواه الأسود. ولكنه أرسل روحًا شريرًا بين أبيمالك وأهل شكيم فغدروا ببعض (قض9: 23)، وأيضًا أرسل روح رديء ليبغت شاول. والرب يسوع أخرج الأرواح النجسة التي كانت في مجنون كورة الجدريين وأرسلهم إلى الخنازير. والشيطان نفسه خاضع لله، فهو لا يفعل شيئًا دون أن يأخذ الأذن أولاً من الله كما نفهم من سفر أيوب.