* النبل الحقيقي ليس في سمو مكانة الأسلاف، ولكن في صلاح شخصيتك أنت. لا تقل لي إن أبي والي حاكم؛ بماذا يهم ذلك...؟ حتى لو كان أبوك هو القديس بولس، حتى لو كان إخوتك شهداء، ولكنك لا تماثلهم في صلاحهم، فإن القرابة لن تفيدك. ولكنها بالأحرى تضرك وتدينك. قد يقول أحدكم إن أمي محسِنة تتبرع بالأموال. بماذا يفيدك هذا وأنت في قسوتك هذه؟ إن حنوها على البشر هو اتهام يضاف إلى قائمة خطاياك. ماذا قال يوحنا المعمدان لليهود؟ "فاصنعوا أثمارًا تليق بالتوبة. ولا تبتدئُوا تقولون في أنفسكم لنا إبراهيم أبًا" (لو 3: 8).
هل أحد أجدادك قديس مُمجد (يدعو للفخر)؟ إن كنت تماثله فإنك تربح، ولكن إن كنت لا تماثله فإن هذا الجد الصالح يصبح هو متهِمًا لك، لأنك ستكون ثمرة مرة من شجرة صالحة. لا تعتقد أبدًا أن من له قريب بار هو من حسن حظه، إن لم يماثل سلوكه سلوك قريبه الصالح هذا. هل والدتك شريرة؟ فإن هذا ليس له علاقة بك (إن هذا لا يؤثر عليك)، تمامًا مثل صلاح الأم التقية لن ينفعك على الإطلاق إن لم تماثلها.
كذلك شرور الأم السيئة (الغير صالحة)، لن يضرك إذا اتخذت طريقًا مختلفًا لحياتك. كما أنك في الآخرة سوف تستحق اللوم الكثير لأنه كان عندك مثالًا صالحًا داخل بيتك ولم تتمثل به، لذلك أيضًا الشخص الذي له أم غير صالحة ولم يماثلها في شرورها، فإنه سيستحق مكافأة عظيمة لأنه ثمرة جيدة ناضجة من جذع مُر.
لذا فإنه ليس سمو مكانة أجدادك، ولكن صلاح شخصك أنت هو الذي تحتاج إليه، فمن جهتي فإنني اَعتبر حتى العبد إنسانًا نبيلًا والسيد مقيدًا بالأغلال لو علمت صفات شخصيته. والشخص ذو المقام الرفيع إنما هو ينتسب لأقل طبقة لو أن له صفات العبودية. فمن هو حقًا وبالفعل العبد إن لم يكن هو الشخص الذي يقترف الآثام؟ أما العبودية الأخرى فليست إلا شأن من شئون ظروفنا الخارجية. ولكن هذه العبودية هي أهواء نوازعنا.