* لذلك يحزن جميع القديسين بتنهدات يومية من أجل ضعف طبيعتهم هذا. وبينما هم يستقصون أفكارهم المتنقلة ومكنونات ضمائرهم وخلواتهم العميقة يصرخون متضرعين: "لا تدخل في المحاكمة مع عبدك، فإنه لن يتبرَّر قدامك حيّ" (مز 143: 2)، "من يقول إني زكَّيتُ قلبي، تطهرتُ من خطيتي" (أم 20: 9). وأيضًا: "لأنه لا إنسان صدِّيق في الأرض يعمل صلاحًا ولا يخطئُ" (جا 7: 20). وأيضًا: "السهوات من يشعر بها؟" (مز 19: 12). وهكذا أدركوا أن برّ الإنسان عليل وغير كامل ويحتاج دائمًا إلى رحمة الله، حتى أن أحدهم بعد رؤيته السيرافيم في الأعالي وكشفه المكنونات السمائية قال: "ويل لي.. لأني إنسان نجس الشفتين، وأنا ساكن بين شعبٍ نجس الشفتين" (إش 6: 5).أظن أنه ما كان يشعر بنجس شفتيه ما لم يكن قد مُنح له أن يُدرك نقاوة الكمال الحقيقي التام برؤية الله، الذي فجأة صار عالمًا بنجاسته التي كان جاهلًا بها من قبل ونجاسة من حوله... شاملًا في توسله العام ليس فقط جماعة الأشرار بل وجماعة الصالحين أيضًا قائلًا: "ها أنت سخطت إذ أخطأْنا. هي إلى الأبد فنخلص، وقد صرنا كلنا كنجسٍ وكثوب عِدّة" (إش 64: 5-6).