رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إن أعمالنا البشرية هي دومًا تُبنى من مادة “خام” هي في الأساس لها وجود سابق. والمبدأ الذي نتحرك نحن البشر من خلاله “أن المادة لا تُخلق، أي لا تُستحدث من عدم”، فالمادة نجدها قبلنا، لا نخلقها نحن، ويُمكننا أن نطوِّرها ونضيف إليها موادًا أخرى أو نقسّمها أجزاءً مستغلّين كل طاقاتها الدفينة؛ أما الخلق فهو في النظرة اللاهوتية، “خلق من العدم” «بِالإِيمَانِ نَفْهَمُ أَنَّ الْعَالَمِينَ أُتْقِنَتْ بِكَلِمَةِ اللهِ، حَتَّى لَمْ يَتَكَوَّنْ مَا يُرَى مِمَّا هُوَ ظَاهِرٌ» (عب11: 3). وهذا التعبير يعني أن لا وجود لأي شيء خارجًا عن الله، فكل ما هو موجود مصدره من الله، وجميع الكائنات تأخذ كيانها من الله. إن المتأمِّل في هذا الكون من حولنا وفي خليقة الله في تفصيلاتها، في الكون اللانهائي، سواء في عالم الجماد من ذرات وإلكترونات، أو في عالم النبات والحيوان، سيخرج بنتيجة واحدة أنه أمام خالق مُبدع، ذي قدرة فذَّة وإمكانيات غير محدودة، وأهم من هذا كله أن له بصمه خاصة تُميِّزه ... وهذا هو الجانب الذي سوف أتناوله في فكرة “بصمة الله في خليقته”. فحينما يخلق الله أي شيء وينجز أي عمل، فهو عادة لا يحيد عن هذه البصمة التي تُميِّزه، وهذه البصمة لها غرض في قلب الله، لا يستطيع أحد أن يدركها غير الفاهم لفكر الله، الباحث في صفحات الكتاب المقدس، هذا الكنز العظيم الذي بين أيدينا، والمذخَّر فيه كل كنوز العلم والمعرفة. قال أحد خبراء الفنون: “إن ما يميز كل فنان أن له بصمته الخاصة، والتي تجدها حتمًا في جميع أعماله الفنية، وهذه البصمة هي موهبته الخاصة التي حباه الله بها، وهي التي تُعطي عمله قيمة وتميُّز”. |
|