رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"هذه الستة يبغضها الرب، وسبعة هي مكرهة نفسه. عيون متعالية، لسان كاذب، أيد سافكة دمًا بريئًا. قلب يُنشئ أفكارًا رديئة، أرجل سريعة الجريان إلى السوء، شاهد زور تفوه بالأكاذيب، وزارع خصومات بين اخوة" [16-19]. يتساءل البعض: "إن كان الله محبة، فهل يحمل بغضًا أو كراهية؟" هو حب ، وبحبه يبغض البغض والكراهية، ولا يقبل الشر. ففي سفر الجامعة يوصينا: "للحب وقت وللبغضة وقت" (جا8:3). وفي سفر التثنية قيل: "ولا تقم لك نصبّا. الشيء الذي يبغضه الرب إلهك" (تث22:16). وفي المزامير: "أحببت البرّ وأبغضت الإثم" (مز7:45)، وفي سفر الرؤيا: "ولكن عندك هذا أنك تبغض أعمال النقولاويين التي أبغضها أنا أيضًا" (رؤ6:2). يشبّه البعض أبوة الله المملوءة حبًا بأبٍ يحب طفله الصغير، لكنه إذ يرى حيَّة سامة تود أن تقتله يبغضها ويقتلها. هكذا الله في حبه لنا يبغض الخطية التي تبث سمومها فينا. يٌقدم لنا الحكيم قائمة بالأمور التي يبغضها الرب. وهي خطايا تسبب بالأكثر أضرارًا للحياة البشرية، وكأن من يُؤذي أخاه إنما يُسيء إلى الله نفسه الذي يشتهي راحة البشر ويطلب سلامهم ونموهم. لنتطلع إلى هذه القائمة لا لندين الآخرين، وإنما لنكتشف أخطاءنا نحن فنتوب عنها بروح الاتضاع مع الصلاة والطلبة وتجنب كل باب للشر. هذه الخطايا هي: ا. العيون المتعالية: إنها عيون المتكبرين، إذ يتشامخ الإنسان على إخوته عِوض أن يتطلع إليهم بنظرات العطف والحنو والشوق إلى العطاء. هذه هي أول الأمور التي يبغضها الله، وقد سقط الشيطان في هذه الخطية (إش13:14، 14). وهو لا يكف عن أن يحث كل إنسانٍ لكي يدعي الألوهية ولا يتكل على الله، ظانًا أنه غير محتاج إليه. لهذا يقول الرب لأيوب: "أنظر إلى كل متعظم وذلّلهُ، ودُس الأشرار في مكانهم" (أي12:40). ويصرخ داود النبي: "يا رب لم يرتفع قلبي، ولم تستعل عيناي، ولم أسلك في العظائم التي هي أعلى مني" (مز1:131). ويقول الله في إشعياء: "إلى هذا أنظر، إلى المسكين والمنسحق الروح والمرتعد من كلامي" (إش2:66). * لا يوجد خطأ ما يحطم كل الفضائل ويسلبها، ويعري الإنسان من كل برّ وقداسة، مثل شر الكبرياء، الذي يشبه وباءً خطيرًا يهاجم الإنسان بكليته، ولا يقتنع بإتلاف جزء منه أو عضوٍ واحدٍ، إنما يتلف الجسم كله بتأثيره المميت. يجتهد الكبرياء أن يطرح الإنسان بسقوط مهلك، ويحطم في الحال الذين وصلوا إلى قمة الفضائل. بالنسبة لأي خطأ آخر يكتفي أن يسبب في الداخل جرحًا في حدودٍ معينة، فإن كان يقاوم بعض الفضائل، لكنه يتجه أساسًا ضد فضيلة واحدة فقط ويهاجمها بصفة خاصة. لكي أوضح قصديفإن الشراهة وشهوات البطن والأطباق الشهية (اللذيذة) تحطم فضيلة العفة (ضبط النفس). والجشع والطمع يشينا أو يعيبا الطهارة أو النقاوة. والغضب يقضي على الصبر. لذلك فالإنسان الذي يكون مستعبدًا لإحدى هذه الخطايا تنقصه بعض الفضائل... فالشخص ببساطة يُحرم من واحدة من الفضائل عندما يذعن أو يخضع للرذيلة (أو الإثم) التي تقاومه بإغراءاتها، لكنه يستطيع الحفاظ على فضائله الأخرى. لكن عندما تملك هذه الرذيلة مرة على نفسٍ بائسة، فإنها تشبه بعض الوحوش المفترسة (الكاسرة) التي تهدم القلعة السامية للفضيلة، وتحطم المدينة بالكلية وتهدمها، فتقوم الرذائل على هدم حصون القداسة وإرباكها معًا. إن نير العبودية للكبرياء قاسٍ ومؤلم، وبواسطة قساوته الممزِقة يجرد النفس ويقهر كل قوة للفضيلة. القديس يوحنا كاسيان ب. اللسان الكاذب: لا يقدر أن ينطق بالحق، ولا يحمل لطفًا ورقةُ صادقة نحو الاخوة. هذا هو الأمر الثاني الذي يبغضه الرب. والكذب من سمة عدو الخير إبليس الذي يتسم بالكذب مع الكبرياء،عمله بث هذا الروح بين كل البشر، حتى أن داود النبي صرخ قائلًا: "في حيرتي قلت أن كل الناس كاذبون" (مز11:116)، كما يصرخ قائلًا: "يا رب خلص نفسي من الشفاه الكاذبة واللسان الغاش" (مز2:120).ج. أيد سافكة دمًا بريئًا: أيضًا يحمل الإنسان روح الغدر والخيانة كيهوذا الخائن. هذا هو الأمر الثالث الذي يبغضه الله، ألا وهو العنف والظلم، وقد دُعي عدو الخير قتالًا منذ البدء. د. قلب يخترع تخيلات شريرة: الأمر الرابع الذي يبغضه الله هو أفكار الشر التي تصدر عن القلب المتدنس. فإنه يضع أساسات باطلة لتخيلات غير صادقة ويبني عليها الكثير، مُقيمًا بناءً من الأكاذيب يُشوه بها صورة اخوته، ويدفع بهم إلى الظلم. ه. أرجل مسرعة الجريان إلى السوء تُعين الإنسان على ارتكاب الإثم بُغية الطمع. إذ يفسد القلب يسحب الجسم كله نحو الشر، وتسرع القدمان نحو ممارسته. وكما يقول إشعياء النبي: "أرجلهم إلى الشر تجري، وتسرع إلى سفك الدماء المزكي، أفكارهم أفكار إثمٍ، في طرقهم اغتصاب وسحق؛ طريق السلام لم يعرفوه، وليس في مسالكهم عدل. جعلوا لأنفسهم سبلًا معوجة، كل من يسير فيها لا يعرف سلامًا" (إش7:59، 8). و. شاهد زور ينطق بالأكاذيب تسبب ظلمًا يَسقط على الأبرياء. للأسف هذه الخطية التي يبغضها الله صارت شائعة اليوم، فما أسهل أن يستأجر أحد شاهد زور ينطق بالكذب. ز. زارع خصومات بين الاخوة سواء على مستوى الفرد أو الأُسر أو المجتمعات، وأحيانًا بين الدول. إن كان صانعو السلام يُدعون أولاد الله (مت9:5)، فزارعو الخصومات يُدعون أولاد إبليس. هذه الخطايا السبع التي يبغضها الله أشبه بمرآة ، يتطلع إليها الإنسان فيكتشف ضعفه، عندئذ يسرع نحو الله معترفًا بخطاياه، سائلًا إياه أن يطهره. |
|