رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يمثِّل كلام يسوع عن خبز الحياة ردَّ فعلٍ لفئتين من النَّاس: فئة أولئك الذين يتبعون يسوع بثقة وشجاعة، فكان كلامه سببًا لتجديد ولائهم له وإرادتهم في اتباع المعلم، وفئة أولئك الذين يتبعونه من أجل مآربهم الشَّخصيَّة، فكان كلامه حجر عثرة وسببًا للابتعاد عنه ولم يعودوا يطيقون سماعه " فارتدَّ عِندَئِذٍ كثيرٌ مِن تَلاميِذه وانقَطعوا عنِ السَّيرِ معَه" (يوحنا 6: 66). أين نحن من هذه الفئات؟ هل نحن على استعداد لعيش كل ما يتطلب منا إتباع المسيح؟ كان كلام يسوع صعبًا على الكثير من تلاميذ يسوع الأمس واليوم، وغريبًا بل مرفوضًا من العديد من النَّاس حولنا. ونحن لا يمكننا أن نعرف معنى الحياة إلاَّ بهبة من الله الآب، الذي من يمنحنا روحه القدّوس، ذاك الذي أنعش قلب ابنه الحبيب يسوع. طعام الجسد لا يجدي نفعًا، لأنّ القلب هو نبع حياتنا، ولا يُشبع القلب سوى روح الله. والكلام الذي يُكلّمنا به يسوع هو روح وحياة. في الإيمان نختار يسوع ونسمع صوت روحه القدّوس، وكلّنا يقين أنّه يقودنا إلى الفرح والنّور والحياة. فلمَن نذهب إذًا، وكلام الحياة الأبديّة عند يسوع؟ " أَليومَ إِذا سَمِعتُم صَوتَه فلا تُقَسُّوا قُلوبَكم " (مزمور 95: 7-8) ليس هناك ما نختتم موضوع تأملنا عن الإيمان إلا بتصريحات الكاردينال جوزيف راتسنجر "ليس الإيمان المسيحيّ فكرة بل حياة، وليس فكرًا ينطوي على ذاته بل تجسّد، بل روح في جسد التَّاريخ والمجتمع، ليس الإيمان المسيحيّ روحانيّة مماثلة العقل بالله، بل طاعة وخدمة، إنه تجاوزٌ للذات، وتحرير الذَّات بفعل الانخراط في خدمة الوجود الأسمى الذي ليس من صنع يدي ولا من ابتكار عقلي. الإيمان، قرارٌ شخصيّ، واستقبال، وثقة تستدعي سؤالا وتساؤلات وبحث". (مدخل إلى الإيمان المسيحيّ). وسبقه العلامة توما الأكوينيّ وقال "إن الإيمان في نفس الوقت ثقة وتفكير وطرح التَّساؤلات". فليس الإيمان "تعليمًا" بل "التزامًا" ودعوة ملحة. وعلى الإنسان أن يختار الإيمان "ومن يَثبُتُ إِلى النِّهايَةِ في الإيمان فذاكَ الَّذي يَخلُص" (متى 24: 13). دعاء أيها الآب السَّماوي، نسألك أن توجّه اختيارنا إلى ابنك يسوع المسيح، فأعِن قِلَّة إيماننا" (مرقس 9: 24)، لكيلا تردَّنا صعوبة في فهم كلماته، ولا عُسرٌ في قبول آياته فنجد فيه النُّور والحياة ـ لأنَّ عنده كلام الحياة الأبديّة بل هو وحده يُعطي الحياة. |
|