رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فارتدَّ عِندَئِذٍ كثيرٌ مِن تَلاميِذه وانقَطعوا عنِ السَّيرِ معَه "انقَطعوا عنِ السَّيرِ معَه" فتشير إلى هجر كثير من تلاميذ يسوع ولم يرافقوه بعد سماعهم تعاليمه بل انفصلوا عنه ورجعوا إلى منازلهم، لأنَّهم لم يستطيعوا استيعاب تعاليمه وتقبّلها، حيث أن القرار الأولي في اتباع المعلم يجب أن يتوافق مع القدرة على تقبل وحي الله في التَّاريخ. وقد خسر هؤلاء التَّلاميذ فرصة ذهبيَّة، لأنَّه إذا كان هذا الخبز، الذي يقدِّمه يسوع، هو الحياة، فإن انقطاعهم عن السَّير معه يؤدي إلى الموت. ولم يقل يسوع شيئًا للذين رجعوا إلى الوراء، فإنه لا يُلزم أحدًا بالإيمان، ويعلق القديس قبريانس: "يسوع لم يوبِّخ الذين تركوه ولا هدَّدهم بطريقة محترمًا بالحق القانون الذي به يمارس الإنسان حريته ويبقى في حريَّة إرادته يختار الموت أو الخلاص". وبعد الشَّعبيَّة التي تلت المعجزة "كانوا يهمُّون أن يقيمونه ملكًا" فها هم ينسحبون عنه واحدًا تلو الآخر: هل لأن أفكار يسوع ليست أفكارهم؟ هل لانَّ تعاليمه صعبة الفهم؟ هل لأنَّهم لا يؤمنون بيسوع وقدرته الإلهيَّة وكيانه الإلهي؟ أم هل لأنَّهم أدركوا أنَّه لن يكون المسيح الملك المنتصر الذي انتظروه؟ أو هل لأنَّهم شعروا أن يسوع رفض الخضوع لطلباتهم الأنانيَّة؟ هل استجابتنا ليسوع ناجمة عن عدم إيمان أو رفض يسوع أم إهمال بعض تعاليمه؟ هؤلاء الذين تركوه لم يكن لهم إيمان حقيقي. فمن له الإيمان الحقيقي يظل تابعًا للمسيح حتى لو لم يفهم تمامًا ما يقوله. ثقتنا في المسيح تجعلني نتبعه حتى لو لم نفهم الآن ما يقول أو ما يصنع. لقد تكلم الرَّبّ وفقَدَ الكثيرين، وبقي معه قليلون. ومع هذا لم يضطرب، لأنَّه عرف من البداية من الذين يؤمنون ومن الذين لا يؤمنون (يوحنا 6: 64)، فلا عجب إن عجز المُبشرون اليوم إن يرضوا النَّاس وهم يُبشرون بالإنجيل. إن حدث هذا معنا فإننا ننزعج بمرارة، لكننا هنا نجد تعزية راحة في الرَّبّ. |
|