رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المولود..ملكا...وملكا إلي الأبد الأنبا غريغوريوس للمسيح وجودان:وجود قبل الزمان,ووجود في الزمان,ووجوده في الزمان هو ما اصطلح عليه بالميلاد,وميلاد المسيح ليس كميلاد أي طفل آخر.إن ميلاد طفل هو بدء وجوده.أما ميلاد المسيح فشئ آخر.ميلاده هو وجوده في الزمان...وعيد ميلاده هو عيد تجسده في الزمان... عندما جاء المجوس من بلاد المشرق وهي بلاد الفرس أو إيران إلي أورشليم في موكب عظيم,يتقدمهم ثلاثة من عظمائهم وحكمائهم وعلمائهم وهم أيضا رؤسائهم أو ملوكهم,جاءوا يقولون ويتساءلون(أين هو المولود ملك اليهود,فإننا رأينا نجمه في المشرق وأتينا لنسجد له)(متي2:2).فهذا المولود ملك,وقد أتي المجوس من بلادهم,وساروا في موكبهم مدة تقدر بثلاثة أشهر ليسجدوا للمولود الملك,ويقدموا له وهو وليد,هداياهم,وقرابينهم من الذهب واللبان والمر,وقالوا:إن زعيمنا زرادشت(وقد نبغ حول منتصف القرن السابع قبل الميلاد وتوفي حوالي583 ق.م)قد أنبأنا بأنه سيولد في فلسطين مولود أصله من السماء,وسوف يتعبد له كثيرون.وفي قت ميلاده يظهر نجم غريب.ولسوف تهتدون بهذا النجم إلي حيث هذا المولود الإلهي.فمتي رأيتم النجم سيروا وهو يتقدمكم,واحملوا معكم إلي المولود قرابينكم من الذهب واللبان والمر,فإنه الكلمة مقيم السماء.أما الذهب فإنه ملك.وأما اللبان فلأنه معبود,وأما المر فلأنه الفادي والمخلص. وقد تم بهذا ما أنبأ به الوحي الإلهي في سفر المزامير(أمامه يجثو أهل البادية,وأعداؤه يلحسون التراب.ملوك ترشيش والجزائر يحملون إليه الهدايا,ملوك شبأ وسبأ يقربون له العطايا ويسجد له جميع الملوك وتتعبد له كل الأمم)(مزمور71:8-11). وعندما جاء الملاك جبرائيل إلي العذراء القديسة مريم ليبشرها بحملها للمسيح الكلمة قال لها:السلام لك أيتها الممتلئة نعمة.الرب معك,مباركة أنت في النساء...قد نلت نعمة عند الله وها أنت ذي ستحبلين وتلدين ابنا تسمينه يسوع وسيكون عظيما وابن العلي يدعي,وسيعطيه الرب الإله عرش داود أبيه,فيملك علي بيت يعقوب إلي الأبد,ولن يكون لملكه انقضاء(لوقا2:28-33).فالذي ولد من مريم,وهو المسيح يسوع ملك,وملك إلي الأبد ولن يكون لملكه انقضاء(إرميا23:5, 6). هذا هو الذي أنبأ عنه النبي دانيال في القديم قائلا إنه(أو تي سلطانا ومجدا وملكا,فجميع الشعوب والأمم والألسنة يعبدونه.وسلطانه سلطان أبدي ما لن يزول,وملكه لا ينقرض)(دانيال7:13, 14) وقال عنه أيضا(وسيكون ملكه ملكا أبديا ويعبدون جميع السلاطين ويطيعونه)(دانيال7:27),(6:26),(مزمور2:8). لهذا لم يكن عبثا أن تتحرك ملائكة السماء لتستقبل مجيئه في ليلة ميلاده,وتعلن عنه للرعاة في البادية(وإذا بملاك الرب يظهر فجأة قبالتهم,ومجد الرب يضئ من حولهم,فارتعبوا ارتعابا شديدا.فقال الملاك لهم:لا تخافوا فها أنا ذا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب,إذ ولد لكم اليوم في مدينة داود(بيت لحم)مخلص هو المسيح الرب...ثم ظهر بغتة مع الملاك كوكبة من جند السماء يسبحون الله قائلين المجد لله في الأعالي,وعلي الأرض السلام,وبالناس مسرته)(لوقا 2:8-14). ولذلك كانت دائما ملائكة السماء في خدمته,كما جاء مثلا في(متي4:11) (لوقا22:43),(متي26:53). وقبيل نهاية رحلته علي الأرض شاء أن يدخل أورشليم,قبل صلبه بستة أيام,راكبا علي جحش,في موكب رسمي,معلنا أنه بعينه الملك الذي أنبأ عنه الوحي الإلهي في سفر نبوءة النبي زكريا,مخاطبا أورشليم(ابتهجي جدا يا بنت صهيون,واهتفي يا بنت أورشليم,هوذا ملكك يأتي إليك,هو عادل ومنصور ووديع,وراكب علي أتان وجحش ابن أتان)(زكريا9:9).ومع أن السيد المسيح كان دائما يسير علي قدميه,لكنه في هذه المرة رأي أن يدخل أورشليم راكبا علي جحش ليلفت النظر إلي حقيقة أنه الملك الذي أنبأت عنه الأنبياء بوحي من الله,في القديم خصوصا وأن وقت عودته إلي السماء التي نزل منها قد اقترب,فكان لابد أن يبرز هذه الحقيقة الخلاصية حتي لا تغيب عن الأذهان في خضم الأحداث المتتابعة. هذا هو اليوم المعروف بأحد الشعانين أو أحد السعف,حيث (بسط جمع عظيم جدا ثيابهم في الطريق,وقطع آخرون أغصانا من الشجر وفرشوها في الطريق,والجموع الذين كانوا يسيرون أمامه والذين كانوا يسيرون خلفه,كانوا يفرحون ويسبحون الله بصوت عظيم علي كل ماشاهدوا من القوات,يهتفون قائلين:المجد لمخلصنا ابن داود,مبارك الملك الآتي باسم الرب.السلام في السماء.والمجد في الأعالي.مباركة مملكة أبينا داود الآتية باسم الرب.المجد لمخلصنا في الأعالي.مبارك الآتي باسم الرب ملك إسرائيل)(متي21:8, 9),(مرقس11:8-10),(لوقا19:36-38),(يوحنا12:12, 13). وقد روي الإنجيل للقديس متي-قصة دخول المسيح ملكا في أحد الشعانين,راكبا علي جحش ثم عقب قائلا وقد كان هذا ليتم ما قيل بفم النبي القائل: قولوا لابنه صهيون:هوذا ملكك يأتيك وديعا راكبا أتانا وجحشا ابن أتان)(مت21:4, 5).وكذلك روي الإنجيل للقديس يوحنا قصة دخول المسيح ملكا إلي أورشليم وعقب قائلا كما هو مكتوب:لا تخافي يا ابنة صهيون,هوذا ملكك يأتي إليك راكبا علي جحش ابن أتان)(يوحنا 12:14, 15). وقال فيه الوحي الإلهي بفم النبي إشعياء يصف ميلاده في الزمان أو بالأحري تجسده وأنه المولود ملكا(لأنه يولد لنا ولد,ونعطي ابنا,وتكون الرئاسة علي كتفه,ويدعي اسمه عجيبا مشيرا,إلها قديرا,أبا الأبد,رئيس السلام.لنمو رئاسته وللسلام لا نهاية له,علي عرش داود ومملكته,ليثبتها ويوطدها بالحق والعدل,من الآن إلي الأبد)(إشعياء9:6, 7).ولنذكر هنا ما قاله الملاك جبرائيل للعذراء القديسة مريم(وسيعطيه الرب الإله عرش داود أبيه,فيملك علي بيت يعقوب إلي الأبد,ولن يكون لملكه انقضاء)(لوقا1:22, 23)وبهذا المعني وبهذا التعبير هتف نثنائيل أو برثولماوس الذي صار فيما بعد أحد تلاميذ المسيح الاثني عشر,وقد انبهر من علمه بماضيه من أول لقاء له به(يا معلم أنت ابن الله,أنت ملك إسرائيل)(يوحنا1:49). ولقد اتخذ قادة اليهود من هذه الحقيقة المعروفة عندهم عن المسيح بحسب أقوال الأنبياء موضوعا لاتهام يسوع الناصري أمام الحاكم الروماني لإثارته بتهمة التمرد علي قيصر الرومان,حتي يحكم عليه بالصلب,(وأخذوا يتهمونه قائلين:إننا وجدنا هذا يفسد الأمة...مدعيا أنه المسيح الملك)(لوقا23:2) ولما رأوا أن بيلاطس يريد أن يطلق سراحه(أخذوا يصيحون قائلين:إن أنت أطلقت سراحه فلست محبا لقيصر,لأن كل من يجعل نفسه ملكا إنما يقاوم قيصر)(يوحنا19:12). ولذلك وقع بيلاطس في حرج(ودعا إليه يسوع,وقال له:أأنت ملك اليهود؟فأجابه يسوع قائلا:أمن نفسك تقول هذا أم قال لك آخرون ذلك عني؟)ثم أضاف ليطمئنه قائلا إن مملكتي ليست من هذا العالم....فقال له بيلاطس:أفأنت إذن ملك؟أجاب يسوع قائلا:نعم,أنا هو كقولك.لأجل هذا ولدت أنا,ولأجل هذا جئت إلي العالم)(يوحنا18:33-37),(متي27:11),(مرقس15:2). ولذلك فإنهم لكي يسخروا منه(ألبسوه رداء قرمزيا)كرداء الملوك,وبدلا من التاج الذهب الذي يضعه الملوك فوق رؤوسهم(ضفروا تاجا من الشوك ووضعوه علي رأسه,ووضعوا قصبة في يمينه,ثم راحوا يجثون علي ركبهم أمامه ويهزأون به قائلين:السلام يا ملك اليهود...)(متي27:28, 29),(مرقس15:12, 17, 18),(يوحنا19:3). (ووضع بيلاطس لافتة علي الصليب,كتب فيها:يسوع الناصري ملك اليهود...وكانت مكتوبة بالعبرانية واللاتينية واليونانية.فقال رؤساء كهنة اليهود لبيلاطس لا تكتب أنه ملك اليهود,بل إنه هو قال:أنا ملك اليهود.فأجاب بيلاطس قائلا:ما كتبت قد كتبت)(يوحنا19:19-22),(متي27:37),(مرقس15:26),(لوقا23:38). بل واتخذ اليهود من هذا الموضوع مادة لسخريتهم بالمسيح المصلوب.قال الإنجيل(وكذلك رؤساء الكهنة كانوا يهزأون به من الكتبة والشيوخ قائلين:خلص آخرين ولا يستطيع أن يخلص نفسه,إن كان هو ملك إسرائيل فلينزل الآن عن الصليب فنؤمن به)(متي27:41, 42),(كرقس15:31, 32). وجنود الرومان أيضا اتخذوا من المسيح المصلوب نفس الموقف.قال الإنجيل(وكذلك الجنود كانوا يسخرون منه,وقد دنوا منه وقدموا له خلا,قائلين له:إن كنت أنت ملك اليهود فخلص نفسك)(لوقا23:36, 37). وبيلاطس البنطي الحاكم الروماني عندما كان قادة اليهود أمامه يشكون إليه يسوع المسيح قال لهم إنه لم يجد فيه ما يستوجب الحكم عليه ثم سألهم(ولما كانت قد جرت العادة عندكم أن أطلق لكم في الفصح سراح واحد,فهل تريدون أن أطلق لكم سراح ملك اليهود؟)(يوحنا18:39),(مرقس15:9)ثم(قال بيلاطس لليهود:ها هوذا ملككم.أما هم فصاحوا قائلين:ارفعه,ارفعه,اصلبه.قال لهم بيلاطس:أأصلب ملككم؟فأجاب رؤساء الكهنة قائلين:ليس لنا ملك إلا قيصر)(يوحنا19:15). وقد أكد المسيح سلطانه كملك في قوله لتلاميذه بعد قيامته المجيدة من بين الأموات(إني قد أعطيت كل سلطان في السماء وعلي الأرض)(متي28:18),(26:64),(11:27),(يوحنا3:35) ,(13:3),(17:2). وقد أوضح العهد الجديد أن اسم المسيح(يفوق كل اسم) وأنه (تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن علي الأرض,ومن تحت الأرض)(فيلبي2:9, 10),وأنه الملك(فوق كل رئاسة وسلطان وقوة وسيادة,وفوق كل اسم يسمي,ليس في هذا الدهر فقط,بل في الدهر الآتي أيضا)(أفسس1:21),(أعمال الرسل17:7),وأنه(رب يسود علي الأموات والأحياء)(رومية14:9),(وإنه أخضع كل شئ تحد قدميه)(1. كورنثوس 15:27) ويملك علي الكل(1. كورنثوس 15:25) وأنه (هو رأس كل رئاسة وكل سلطان وكل قوة)(كولوسي2:10),(1. كورنثوس 15:24) وطغمات(الملائكة والسلاطين والقوات)(1. بطرس3:22),(العبرانيين1:6).ثم إنه(له علي ثوبه وعلي فخذه اسم مكتوب:ملك الملوك ورب الأرباب)(سفر الرؤيا 19:16),(17:14),(1تيموثيئوس6:15) وهو(الملك الديان)(متي25:34, 40),وهو (ملك القديسين)(الرؤيا 15:3),(20:4, 6),(وله ملك العالمين,وسيملك إلي أبد الآبدين)(الرؤيا 11:15, 17) ومن هنا كان دعاء ديماس اللص الذي صلب عن يمينه,فقد آمن بأنه الملك الذي يملك وسيملك إلي أبد الدهور فصاح وهو علي الصليب إلي المسيح المصلوب قائلا(اذكرني يارب متي جئت في ملكوتك)(لوقا23:42) وذات المطلب سأله إياه تلميذاه يعقوب ويوحنا(أن نجلس واحد عن يمينك والآخر عن يسارك في ملكوتك)(متي20:21),(مرقس10:37).وهي المملكة الأبدية التي أشار إليها النبي دانيال بقوله يقيم إله السماوات مملكة لن تنقرض أبدا,وملكها لا يترك لشعب آخر,فتسحق وتفني جميع تلك الممالك,وهي تثبت إلي الأبد)(دانيال2:44). وها إنني,ياسيدي ويامولاي,يا من بغير تحول تجسدت وتأنست,أهتف نحوك في ضراعة وابتهال(اذكرني يارب,متي جئت في ملكوتك). |
|