رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
“أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ وَتَعَبَكَ وَصَبْرَكَ، وَأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَحْتَمِلَ الأَشْرَارَ، وَقَدْ جَرَّبْتَ الْقَائِلِينَ إِنَّهُمْ رُسُلٌ وَلَيْسُوا رُسُلاً، فَوَجَدْتَهُمْ كَاذِبِينَ.” (رؤ2: 2) +++ تفسير أنبا بولس البوشي من الرؤيا: قال: «اكتب إلى ملاك كنيسة أفسس، هكذا يقول الضابط، الذي السبع كواكب بيده اليمنى، السالك في وسط السبع مناير الذهب، إني عارف بأعمالك، وتعبك، وصبرك، وأنك لا تقدر (أن) تحتمل الشر، وقد جربت القائلين أنهم رسل، فوجدتهم كذبة وليس هم رسلاً، وأنت فقد صبرت واحتملت لأجل اسمي ولم تضجر. ولكني واجد عليك(أي لائم لك)، لأجل تركك المحبة القديمة. فاذكر الآن كيف سقطت وتُب، وإلا أنا آتي وأزعزع منائرك من مواضعها إذا لم تتب. ولكن هذا الشيء عندك، أنك أبغضت أعمال الشعوب الغريبة[1]، التي أنا أبغضها. من له أذنان سامعتان فليسمع ما يقوله الروح للكنائس. من يغلب أنا أعطيه أن يأكل من شجرة الحياة، المغروسة في وسط الفردوس الإلهي» (رؤ 2: 1-7). التفسير: یعنی «بملاك الكنيسة» رئيس البيعة، والوصية جامعة له ولرعيته، فقصد السبع نواحي التي كان يوحنا الإنجيلي بشر فيها، والوصية جامعة لهم ولكل المؤمنين مثلهم. فابتدأ بذكر الأسقف، الذي كان بأفسس، لأنه الأول، كما قال لهم بولص: «انظروا لكل الرعية التي أقامكم عليها الروح القدس أساقفة». فأول ما حذرهم الرسول، ثم ألزم الرعية لهم لأن عيبها يلزمهم، كما في الوصية الرسولية. فأما قوله: «هكذا يقول الضابط الذي السبعة كواكب بيده اليمنى»، عني يده المنيعة (أي) قوة إلوهيته، الضابطة الكل. لأن اليمين هي القوة، ليست يمينا محسوسة، بل كما قال داود النبي: «يمين الرب رفعتني، يمين الرب صنعت القوة». وأيضاً مكتوب في التورية: «بقوة ذراعك سحقت المناصبين لنا» . وقوله: «السالك في وسط السبع منائر»، الذي ذكر أولاً أنهم السبع كنائس، يعني أنه حال في كل مكان بقوة لاهوته المالئ الكافة، محتوي على الكل، ولا شيء يحتويه. فلهذا قال: «إني عارف بأعمالك، وتعبك وصبرك»، يعني أن كل شيء مكشوف أمامه، وعلمه محيط بكل شيء وأعمالنا الصالحة والرديئة. فمدح صبره وتعبه ثم عرفه ضعفه البشري، عند احتمال الشرور والبلوى، لكي يتضع، ويطلب المعونة منه. وقوله عن الرسل الكذبة، شبيهاً بما قال الرسول الإلهي بولس أنهم: «رسل كذبة وأنبياء غدرة يشبهون نفوسهم برسل المسيح» وما يتلو ذلك، فقد يجب الحذر منهم. وقوله إنه «واجد عليه لتركه المودة القديمة»، يعني (تركه) الحرارة الأولى المتحركة فينا من جهة النعمة، وأنه لم يدم فيها، فلهذا قال: «إني واجد عليك»، أي لائم لك، تنازل معنا نحن الضعفاء كصالح ومحب البشر، لم يعجل علينا بالقضاء، بل أعطانا مهلةً وسعة للتوبة، ليرينا جوده ومحبته لنا وإرادته إقامتنا. ثم قال: «اذكر الآن كيف سقطت وتب»، عرف كافة الرعية أنه يذكر لكل واحد نوع هفواته، (وأنه يجب أن) يتوب في سببها قبل الوفاة. ثم أضاف القول: «إذا لم تتب أنا آتي إليك، وأزعزع منائرك من مواضعها»، أرانا كمثل أب حنون، شفقته أولاً وعتابه؛ وعرفنا مثل ملك جبار، نفاذ انتقامه، إذا تمادينا على المعصية إلى الوفاة. ثم عطف وقال: «ولكن هذا الشيء عندك، أنك باغض أعمال الشعوب الغريبة، التي أنا أبغضها»، يعني أنك باغض الخطيئة التي باغض لها، بل وأنت متهاون بالتوبة، فلهذا لم أرفضك بالكلية، بل أنا أحب أن ترجع عما أنت عليه، كارها فيه، لتكون كاملاً، ويظهر برك قدامي، ويكون أجرك مضاعفاً. وقوله له: «أذنان سامعتان فليسمع»، يعني ليس هذا القول لازم لشعب دون شعب، بل لكل من له سمع وفهم. ثم قال: «ما يقوله الروح للكنائس»، يعني روح الله لكافة جماعة المؤمنين. ثم قال: «من يغلب أنا أعطيه أن يأكل من شجرة الحياة»، لم يعن عليه حرباً محسوسة، بل (عليه أن) يغلب الرذيلة بالفضيلة، وعند ذلك ينال الحياة المؤبدة مع الله بلا انقضاء. قال: «التي في وسط فردوس إلهي»، لأن وسط الشيء غاية كماله، (أي) في أحسن ما يكون في الملكوت المؤبدة والفردوس المشتهى من الكل، ذي الأثمار الفاضلة، الكثيرة الأنواع. وقوله: «إلهي» لأجل تجسده بجسد كامل ذي نفس عقلية، كاملاً مثلنا في كل شيء، ما خلا الخطية. وسمّى البشرية إخوته كالمكتوب: «إني أبشر باسمك إخوتي»، وأيضاً الرسول يقول: «كما أن الأبناء اشتركوا في اللحم والدم، كذلك هو أيضاً اشترك في هذه الأشياء مثلهم». وكما أظهر فعل إلوهيته بقوة الآيات، كذلك أيضاً أظهر نوع تجسده بهذه الأشياء، فهو إله متأنس وله الفعلان جميعا، الذي يليق باللاهوت والذي يليق بالتجسد أيضا. |
|