رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"فذبح أدونيَّا غنمًا وبقرًا ومعلوفات عند حجر الزاحفة الذي بجانب عين روجل، ودعا جميع إخوته بني الملك، وجميع رجال يهوذا عبيد الملك" [9]. بدأ أدونيَّا اغتصابه للعرش بتقديم ذبيحة كما فعل إبشالوم من قبله (2 صم 15: 7). كان ذبح حيوانات واشتراك الجماعة في الأكل معًا يُمارس كطقسٍ يمثِّل نوعًا من العهد الجماعي للعمل معًا بروح الإخلاص كما في قدسيَّة خاصة. أراد أن يمسح عمله بصبغة دينيَّة، متظاهرًا بأنَّه قد استلم السلطة من الله نفسه، وأن رئيس الكهنة يشهد بذلك ويقدِّم ذبائح لله. وكأنَّه يمارس شرَّه تحت اسم "الله"، مستخدمًا العبادة لحساب مصالحه الشخصيَّة. أقام مؤامراته خارج أورشليم عند حجر الزاحفة الذي بجانب عين روُجل [9]. حجر الزاحفة: أي حجر إحدى الزواحف أو "حجر الحيَّة" (الزاحفة) أو "حجر الدودة" الزاحفة، وتعرف باسم وادي الرباب. وهو اسم حجر قري عين روجل جنوب غربي أورشليم. ولعلَّه حجر قدسه الكنعانيُّون لوجوده قرب عين ماء. إذ كانوا يرون في عيُّون الماء مصادر الحياة، قدسوها كأن إلهًا حالًا فيها. عين روجل: وتعني "عين القصار" أو "ينبوع الكمال Fuller" أو "عين الجاسوس"، أو "عين جدول المياه". وهي على حدود تخوم بنيامين ويهوذا (يش 15: 7؛ 18: 16). غالبًا ما تعني "عين التنِّين" التي وردت في سفر نحميا (نح 2: 13)(16). كان يُظن أن موقعها هو بير أيُّوب، جنوب القدس في وادي قدرون. يرى البعض أن عين روجل الآن احتلتها صخرة نتيجة أحد الزلازل. "وأمَّا ناثان النبي وبناياهو والجبابرة وسليمان أخوه فلم يدعهم" [10]. دعوة أدونيَّا لكل إخوته ورجال يهوذا فيما عدا أخوه سليمان وناثان النبي وصادوق الكاهن وباناياهو تكشف عن معرفة أدونيَّا باختيار الله لسليمان ملكًا، وإدراكه موقف ناثان الداخلي كرجل الله يحقِّق الإرادة الإلهيَّة. هذا ما يؤكِّده عدم تشاوره مع والده في استلام الحكم. فلو أن أدونيَّا يعرف بأنَّه الوارث الحقيقي للعرش لطلب من والده أن يسنده في قيامه بهذا العمل. تجاهله لوالده فيه تأكيد إنَّه كان يدرك إنَّه يمارس عملًا ضد إرادة والده. شتَّان ما بين داود الملك وابنه أدونيَّا، فإن الابن لم يرث روح أبيه الوديع الخادم للكثيرين، الذي يطلب مجد الله وبنيان الشعب لا مجد نفسه، والذي لم يركب قط المركبات والخيل بل جاء إلى جليات يهاجمه باسم رب الجنود، ولا خطَّط بطرق بشريَّة لاستلام الحكم، بل طلب تحقيق الإرادة الإلهيَّة. عدم دعوة ناثان النبي وبناياهو والعاملين معه وسليمان للاشتراك في الطعام الذي هيَّأه أدونيَّا يشير إلى إنَّه لم يكن مستعدًا للسلام، بل كان يتهيَّأ للدخول في صراع عنيف معهم. لم يحدث هذا عن بُخل ولا عن مجرَّد تجاهل متعمِّد، بل عن وجود فريقين متعارضين في أورشليم يمثِّلان خطرًا لوجود انقسام! يقدِّم لنا أدونيَّا صورة مؤلمة للنفس التي تستخف بالله الملك الحقيقي وخدَّامه العاملين لحسابه، سواء كانوا الوالدين أو الكهنة أو المرشدين. لم يبالِ أدونيَّا بالأمر الإلهي الخاص بإقامة سليمان ملكًا، ولم يسأل والده إذ في نظره هو شيخ عاجز عن تدبير الأمور، كما حسب أخاه سليمان صبيًّا صغيرًا لا يصلح كملكٍ. يرى في نفسه إنَّه وحده القادر أن يحكم ويدبِّر حسب حكمته البشريَّة وقدراته وإمكانيَّاته البشريَّة. هكذا إذ تتسلَّل الخطيَّة إلى القلب تعميه عن رؤية الحق، فلا يقبل الإرادة الإلهيَّة، ولا يطلب مشورة حكيمة بناءة! في عجرفة يظن إنَّه ملك قادر أن يدبِّر ويحكم وينقذ، يتَّكل على حكمته الذاتيَّة وخبراته وإمكانيَّاته. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
ناثان النبي وبثْشَبع |
صادوق الكاهن وبناياهو وناثان النبي وشمعي وريعي وجبابرة داود |
ناثان النبى |
ناثان النبي |
ناثان النبي |