رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عبدي الذي اخترته: 8 «وَأَمَّا أَنْتَ يَا إِسْرَائِيلُ عَبْدِي، يَا يَعْقُوبُ الَّذِي اخْتَرْتُهُ، نَسْلَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِي، 9 الَّذِي أَمْسَكْتُهُ مِنْ أَطْرَافِ الأَرْضِ، وَمِنْ أَقْطَارِهَا دَعَوْتُهُ، وَقُلْتُ لَكَ: أَنْتَ عَبْدِيَ. اخْتَرْتُكَ وَلَمْ أَرْفُضْكَ. 10 لاَ تَخَفْ لأَنِّي مَعَكَ. لاَ تَتَلَفَّتْ لأَنِّي إِلهُكَ. قَدْ أَيَّدْتُكَ وَأَعَنْتُكَ وَعَضَدْتُكَ بِيَمِينِ بِرِّي. 11 إِنَّهُ سَيَخْزَى وَيَخْجَلُ جَمِيعُ الْمُغْتَاظِينَ عَلَيْكَ. يَكُونُ كَلاَ شَيْءٍ مُخَاصِمُوكَ وَيَبِيدُونَ. 12 تُفَتِّشُ عَلَى مُنَازِعِيكَ وَلاَ تَجِدُهُمْ. يَكُونُ مُحَارِبُوكَ كَلاَ شَيْءٍ وَكَالْعَدَمِ. يكشف عن ضعف الأمم واضطرابها، ويعلن عنها إنها تراب وقش [2]، يدعوهما للدخول إلى إسرائيل الجديد للتمتع -خلال عمل المسيح الخلاصي- بالصداقة الإلهية التي اختبرها إبراهيم أب المؤمنين، إذ يقول: "وأما أنت يا إسرائيل عبدي، يا يعقوب الذي اخترته، نسل إبراهيم خليلي (صديقي)" [8]. لقد اختار الله إبراهيم خليلًا له، دعاه من أمة وثنية لا تعرف الله، ليصير بارًا، ينهضه من المشرق ويلاقيه النصر عند رجليه [2]. الله لم يتغير فلا يزال يطلب أن يبرر ويصادق أبناء له، يدعوهم من وسط أناس غير مؤمنين ليقبلوا الإيمان به ويصيروا أحباءه. * إبراهيم الملقب بالخليل، وُجد مؤمنًا، لأنه أطاع كلمات الله. القديس اكليمندس الروماني وكما يقول القديس غريغوريوس النزينزي: [دُعي عبدًا ليخدم الكثيرين بالحق... جاء عبدًا في الجسد وحسب الميلاد لأجل حياتنا كي يحررنا مخلصًا إيانا من عبودية الخطية]. صار كلمة الله المتجسد عبدًا لكي إذ نثبت نحن العبيد فيه نسمع الصوت الإلهي يُنادينا: "يا إسرائيل عبدي": لقد صرتم أنتم الغرباء والبعيدون إسرائيل الجديد، كنيسة مقدسة وشعبًا مبررًا، عبيدًا صالحين متحدين بالابن الوحيد الذي صار عبدًا. "يا يعقوب الذي اخترته"، وكما قال السيد المسيح لتلاميذه: "لستم أنتم اخترتموني بل أنا اخترتكم". "نسل إبراهيم خليلي": صرتم أبناء إبراهيم روحيًا، أبناءه في الإيمان فحسبتم أحباء ليّ كما كان أبوكم خليلًا ليّ. "الذي أمسكته من أطراف الأرض ومن أقطارها دعوته" [9]، جئت بكم من أقاصي المسكونة ودعوتكم من بين الأمم... "لا تخف لأني معك": هذا هو موضوع دعوتي، وسّر اختياري لكم، وغايتي من الخلاص أن أكون معكم... "وقد أيَّدُتَك وأعنتك وعضدتك بيمين بري" [10]، أكون لك عونًا وعضدًا لأني بررتك بدمي، فصرت بارًا بيّ تستحق كل عون وتعضيد ضد مقاوميك الذين يبيدون، وضد منازعيك الذين تبحث عنهم فلا تجدهم، إذ صاروا كلا شيء [11، 2]. في القديم كنت تبحث عن مسامير لكي تمسك صفائح الذهب والفضة في التماثيل الخشبية حتى لا تسقط [7] وكي تكسبها جمالًا خارجيًا وتعطيها قيمة ثمينة، أما الآن فأنا أمسك بيمينك فلا تتزعزع، أسكب مجدي فيك واهبك بري فتتمجد: "لأنيّ أنا الرب إلهك الممسك بيمينك القائل لك: لا تخف أنا أعينك" [3]. كثيرًا ما يكرر في هذا السفر عبارة: "لا تخف"... إذ يعرف الله حقيقة مرض الطبيعة البشرية أو ميكروبها الخطير ألا وهو الخوف المحطم لسلامنا وفرحنا ومجدنا الداخلي. سّر هذا الخوف شعورنا بالعزلة والوحدة، ليس من رفيق ولا من معين ولا من يدرك حقيقة مشاعرنا ولا من يُشاركنا أعماق أحاسيسنا الداخلية. لذا يتقدم المخلص بنفسه ليُرافقنا لا من الخارج بل بسكناه في أعماقنا، فيملأ الفراغ الداخلي، ويكون هو الرفيق والمعين والمشبع لكل احتياجاتنا الداخلية، الذي يُشاركنا مشاعرنا الخفية. في اختصار ماذا يقدم الله مخلصنا؟ يقدم نفسه لنا فيهبنا: المعية معه، العون، القوة، يرفعنا إليه! بمعنى آخر ينزل إلينا لكي نقبله في حياتنا، فيسندنا بنعمته ويكون لنا المعين الخفي، ويحملنا إليه فنشاركه أمجاده الأبدية السماوية. |
|