رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ماذا يُقدم لنا المسيح الملك؟ أ. دستور العدل والحق: "هوذا العدل يملك ملك، ورؤساء بالحق يترأسون" [1]. إن كان الرب قد ملك على خشبة أي خلال الصليب، وقد دفع ثمن خطايانا تحقيقًا للعدالة، فأنه يقيم تلاميذه ومؤمنيه كرؤساء نمارس سلطاننا الروحي لا على الآخرين وإنما على نفوسنا وأحاسيسنا ومشاعرنا وطاقاتنا لا بكبتها أو تحطيمها وإنما "بالحق"، أي بتقديسها بالمسيح الحق. ب. عوض المتاعب والضيقات يصير هذا الملك "كمخبأ من الريح"، يحمي المؤمنين من رياح التجارب والضغطات المُرّة؛ "وستارة من السيل" أي كمظلة أو غطاء تحميهم من المياه الجارفة، "وكسواقي (أنهار) ماء في مكان يابس"، أي يروى النفوس العطشى في البرية القاحلة، "كظل صخرة عظيمة في أرض معيبة" يختفون في المسيح الصخرة فلا يصيبهم ضررًا. هكذا يُقدم أربعة تشبيهات لعمل السيد المسيح في حياة مؤمنيه: مخبأ، غطاء، أنهار مياه، صخرة عظيمة. خلال هذه التشبيهات يرانا النبي أشبه بإنسان مسافر يجد في السيد المسيح كل احتياجاته، متى هبت عليه العواصف العنيفة وجد فيه الملجأ الأمين، وإن لحقته سيول جارفة يجده غطاءً واقيًا، وإن عانى من الظمأ يصير له الرب أنهار مياه حية، وإن هاج العالم كله يستظل فيه كصخرة صلدة قادرة أن تخفيه وتحميه حتى من الموت. بمعنى الله المخلص يُقدم ذاته كل شيء لمؤمنيه حتى لا يعوزهم شيئًا. لقد قدم ذاته خلال أسماء كثيرة لكي ندرك أنه سّر شبعنا الحقيقي وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [لماذا دُعي الطريق؟ لكي نفهم أننا بواسطته نلتقي بالآب لماذا دُعي الصخرة؟ لكي نفهم أنه حافظ الإيمان ومثبته. لماذا دُعي الينبوع؟ لكي نفهم أنه مصدر كل شيء. لماذا دُعي الأصل؟ لكي نفهم أن فيه قوة النمو. لماذا دُعي الراعي؟ لأنه يرعانا. لماذا دُعي الحمل؟ لأنه قُدم فدية عنا وصار تقدمة. لماذا دُعي الحياة؟ لأنه أقامنا ونحن أموات. لماذا دُعي النور؟ لأنه أنقذنا من الظلمة. لماذا دُعي الذراع؟ لأنه مع الآب جوهر واحد. لماذا دُعي الكلمة؟ لأنه مولود من الآب، فكما أن كلمتي هي مولودة مني، هكذا أيضًا الابن مولود من الآب. لماذا دُعي ثوبنا؟ لأنني التحفت به عندما اعتمدت. لماذا دُعي المائدة؟ لأنني اغْتَذَى عليه عندما اشترك في الأسرار. لماذا دُعي المنزل؟ لأنني أقطن فيه. لماذا دُعي العريس؟ لأنه قبلني كعروس له. لماذا دُعي بلا دنس؟ لأنه أخذني كعذراء. لماذا دُعي السيد؟ لأنني عبد له. إن سمعت هذه الأمور أرجو إلاَّ تفهمها بمعنى مادي، بل حلق بفكرك عاليًا، لأنها لا تؤخذ بمعنى جسدي]. * طوبى للذي نسى حديث العالم بحديثه معك، لأن منك تكتمل كل حاجاته. أنت هو أكله وشربه! أنت هو بيته ومسكن راحته، إليك يدخل في كل وقت ليستتر! أنت هو شمسه ونهاره، بنورك يرى الخفيات. أنت هو الآب والده! أنت أعطيته روح ابنك في قلبه! الشيخ الروحاني ج. يُقدم السيد المسيح لمؤمنيه البصيرة الروحية لترى الأمور غير المنظورة ولا تظلم عيناه الداخليتين: "لا تحسر (تعتم) عيون الناظرين" [3]. كما يهبنا القدرة على الاستماع لوصيته والإنصات إلى كلماته بفرح: "وآذان السامعين تصغي" [3]. يُقدم حكمة مع فهم وعلم: "وقلوب المتسرعين تفهم علمًا" [4]. يهب اللسان الكلام اللائق الفعّال: "وألسنة العييّن (المتلعثمين) تُبادر إلى التكلم فصيحًا". وأخيرًا يعطينا نعمة التمييز فلا نحسب اللئيم كريمًا ولا الماكر نبيلًا [5]. في اختصار يهب: البصيرة الداخلية، الاستماع مع الطاعة، الحكمة مع فهم وعلم، القدرة على الكلام البنّاء، نعمة التمييز. هذا كله يتحقق بالمخلص الذي ينتزع الخطية المسببة للعمى والعصيان والغباوة والعجز عن النطق بالحق وعدم التمييز. * إلهي... أنت نوري! افتح عينيّ فتُعاينا بهاءك الإلهي، لأستطيع أن أسير في طريقي بغير تعثر في فخاخ العدو... أنت هو النور لأولاد النور! نهارك لا يعرف الغروب! نهارك يُضيء لأولادك حتى لا يتعثروا! أما الذين هم خارج عنك، فإنهم يسلكون في الظلام ويعيشون فيه...! نعم خارج ضيائك تهرب الحقيقة منيّ، ويقترب الخطأ إليّ، يملأني الزهو، وتهرب الحقيقة مني! أصير في ارتباك بدلًا من التمييز، يصير ليّ الجهل عوض المعرفة، العمى عوض التبصر، لا يعود ليّ طريق موصل إلى الحياة... القديس أغسطينوس د. يميز الله بين اللئيم والكريم، إذ هو فاحص القلوب، ومدرك للخفيات [6-8]. |
|