رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
بَلْ هَدَّأْتُ وَسَكَّتُّ نَفْسِي كَفَطِيمٍ نَحْوَ أُمِّهِ. نَفْسِي نَحْوِي كَفَطِيمٍ كان داود يعيش ببساطة كراعى غنم، ولكن قوة الله كانت تسانده، فقتل الأسد والدب. ومسحه صموئيل ملكًا، وقتل جليات الجبار، وكان قائدًا حربيًا ناجحًا، وقتل الكثير من الفلسطينيين، ولكنه حُرم من كل راحة، إذ حاول شاول قتله مرات كثيرة واستمر مدة طويلة، وقبل هذا الفطام من كل راحة. فهو قد فُطم من المُلك وأيضًا من الراحة الطبيعية والاستقرار الذي يناله كل إنسان يسكن في بيته مع زوجته وأولاده. قبل هذا بشكر، فمتعه الله الذي رفع عينيه نحوه وأعطاه الاستقرار الداخلي. "نفسى نحوى كفطيم" لم يحدث هذا الهدوء وقبول نفسه الفطام بسهولة، بل جاهد داود كثيرًا، وكانت نفسه تتعب من صعوبة هذا الفطام. فكان يهدئها بالرجوع إلى الله والرجاء فيه؛ لأن تهديدات، وشر شاول كان مثيرًا جدًا، ورغم شعور شاول بخطئه عندما كان يسامحه داود، يعود ثانية ويحاول قتله، ولكن داود قاوم رغباته في الانتقام أو في اشتهاء الملك، وقبل الخضوع باتضاع شديد أمام شاول، بل شبه نفسه بكلب ميت وبرغوث واحد، وهنا يشبه نفسه بطفل صغير جدًا تم فطامه عن اللبن؛ ليعلن مدى معاناته. لقد حقق داود في نفسه ما قاله المسيح بعد سنوات طويلة، عندما أعلن أنه "إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السموات" (مت18: 3). حرمان الفطيم من اللبن يؤهله أن يأكل طعام البالغين، كما أن بني إسرائيل في برية سيناء شعروا بحرمانهم من اللحم والبصل والكرات، ولكن كان هذا ضروريًا ليتمتعوا بخيرات أرض كنعان. وداود إن كان قد حرم من الراحة الجسدية، وعانى متاعب كثيرة من شاول وأبشالوم، ولكنه تمتع بعشرة الله، وصار قلبه مثل الله. |
|