على ضوء النبت الّذي سيتحول مصيره من صغير لكبير ومن هشّ لعظيم هكذا يستعين يسوع بصورتين من الحياة الزراعيّة الّتي تتناسب مع عصره. فأغلب اليهود في زمن يسوع كانوا من أصحاب الحرف البسيطة مثل الصيادين والمزارعين والرعاة ... إلخ. فالرمزين الّذين يستخدمهما يسوع، في شكل مثل، وهو أسلوب يسوع التعليميّ، من الوجهة الكتابيّة، شهير بالعهد الثاني ليُفسر أسرار إلهيّة غامضة ومعقدة. في هذين المثليّن الّذين نعرفهما عن ظهر قلب، يكشف يسوع في حديثه عن الملكوت الإلهيّ بصورتيّن بليغتيّن للغاية. الأولى وهي صورة الزارع الّذي يلقي بالبذر في باطن الأرض والثانيّة هي صورة حبّة الخردل. من خلال هاتيّن الصورتين يساعدنا يسوع في تغيير طريقة تفكيرنا حول ملكوت الله، ويدعونا إلى تحويل نظرتنا إلى باطن حياتنا وإلى تاريخنا البشريّ. يسلك يسوع مسيرة بسيطة من حياة البذور في الطبيعة ليحملنا بشكل تدريجي، في هذيّن المثليّن، ليكشف عن سرّ إلهي مشيراً إلى إختلاف ملكوت الله عن الـمُلك البشريّ. إذّ أن طريقة عمل الله في التاريخ تختلف تمامًا عن أي مشروع بشري آخر.