|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أسفرت القرعة الهيلكية أمس الأحد عن اختيار الأنبا تواضروس ليكون البابا الـ118 للكنيسة المصرية الأرثوذكسية، وكان من الطبيعى ذلك الاهتمام بهذا الحدث التاريخى، فالكنيسة المصرية هى إحدى المؤسسات الدينية التى حافظت على الفكر الدينى المسيحى المصرى فى مواجهة الفكر الدينى الغربى، كذلك هى الكنيسة الوطنية التى ارتبطت بتراب هذا الوطن وشاركت فى ملماته وسعدت لأفراحه، فهى رمانة الميزان لنشر الحب والسلام الاجتماعى بين المصريين، كما كان الاهتمام أيضاً بعد رحيل البابا شنودة الثالث الذى لم يكن رئيساً دينياً للكنيسة فقط، بل أراد أن يكون زعيماً سياسياً للأقباط، لذا فهناك ذلك السؤال الذى يفرض نفسه، ماذا سيكون موقف البابا الجديد من التدخل فى الشأن السياسى بحجة الدفاع عن الأقباط؟ بداية ليس من الطبيعى أن يكون هناك استنساخ بشرى فى المواقع الدينية أو غير الدينية، فلكل شخصية ذاتيتها وثقافتها ونشأتها وظروفها الذاتية والخاصة، كما أنه لكل موقع ظروفه التاريخية التى تفرض على الموقع مسؤوليات ومهام تختلف باختلاف الزمان والمكان والمعطيات العامة، والكنيسة هى جزء من هذا الوطن تتأثر بأحداثه سلباً أو إيجاباً، ولذلك فالظروف الذاتية للأنبا شنودة كشخصية كارزمية مثقفة له ميول سياسية وندية وتطلعات زعامية مع الظروف السياسية، وأهمها ذلك الصراع الذى كان بينه وبين السادات منذ البداية، إضافة للممارسات الإرهابية ضد الأقباط، وهذا وغيره قد ساعد البابا شنودة على أن يشجع الهجرة إلى الكنيسة وليس العكس سواء هجرة جسدية أو روحية، حتى يمارس من خلالها دوراً سياسياً جعل الأقباط يتخيلون أن هذا الدور هو الحل، وأن الكنيسة يمكن أن تكون بديلاً للدولة، حدث هذا فى الوقت الذى يؤكد النص الإنجيلى أن مملكة الكنيسة ليست من هذا العالم، وأن ما لله لله وما لقيصر لقيصر، فبالدين وبالسياسة «دستور وقانون» وبالتاريخ لا دور غير الدور الدينى للكنيسة وللبابا، كما أن تجربة البابا شنودة السياسية لم تثمر غير الحصرم، فقد تم النظر إلى مشاكل الأقباط على أنها مشاكل طائفية لمسيحيين، وليست مشاكل سياسية لمصريين، وكأن الكنيسة هى المسؤولة بديلاً عن الدولة، الشىء الذى أكد المناخ الطائفى وكرس للفرز الطائفى، فجعل هناك قناعة بأن هذه المشاكل لا تخص غير المسيحيين، ولا دور لهم فى حلها، مع العلم أن المشاكل هى مشاكل للمصريين، فلا مشاكل لمسلمين وأخرى لمسيحيين، ولذا فأى تصور بأن هناك تمثيلا سياسيا للأقباط بعيداً عن الدولة ومؤسساتها فهذا خطر على الأقباط وعلى الدولة، والممارسة السياسية والدفاع عن الحقوق هو حق دستورى وقانونى لكل المصريين بلا نيابة أو وصاية.. لذا فالبابا الجديد الذى نتمنى له التوفيق والنجاح، ليس دوره أن يكون زعيماً سياسياً بل أن يكون أباً روحياً يسعى لخلاص النفوس، ولذا فالسياسة والحقوق هى من حق المسيحيين خارج أسوار الكنيسة يجب عليهم أن يمارسوا دوراً سياسياً حسب قناعاتهم وتوجهاتهم السياسية والأيدلوجية، أما قداسة البابا الجديد فأمامه مهام كبيرة ومتعددة فى الشأن الكنسى الداخلى، فهناك لائحة 57 لاختيار البابا التى يجب تغييرها تماماً بما يتوافق مع المتغيرات التى حدثت داخل الكنيسة وخارجها، فهناك ملف 38 والزواج الثانى، ومطلوب نظرة تعلى الروح التى تحيى وليس الحرف الذى يقتل، هناك إعادة دور العلمانيين فى الكنيسة بتطوير المجالس المسماة خطأ بالملية، ودورها كنسى ولا علاقة لها بأى دور سياسى، وهناك النظر فى انغماس الكنيسة فى هذه المشروعات الاقتصادية التى لا تليق بجلال الكنيسة ولا بدورها الروحى، هناك الكثير والكثير قداسة البابا الجديد ساعدك الله فى لم شمل الكنيسة وتوحدها والمحافظة على دورها المصرى الوطنى لصالح الأقباط وكل المصريين حتى نحافظ دائماً على أن تكون مصر لكل المصريين.
|
|