رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
البشرية والعالم: نظرة إشعياء نحو البشرية والعالم انعكست على شخصيته، فقد آمن أن الإنسان الكائن العجيب موضع حب الله وتدبيره من أجله يحرك الله كل شيء ليقدسه بل يقوم بنفسه بخلاصه، وفي نفس الوقت يرى الإنسان في ذاته ضعيفًا كل الضعف، صار كلا شيء، حطم نفسه بنفسه، لا يقدر على الخلاص خارج العمل الإلهي. هذا ما نراه في شخصية إشعياء نفسه، فقد وقف أمام الله يعلن: "ويل لي إني هلكت، لأني إنسان نجس الشفتين وأنا ساكن بين شعب نجس الشفتين" (إش 6: 5). لكنه إذ تمتع بلمسة من الجمرة التي قدمها أحد السارافيم من المذبح الإلهي ينطلق ليعمل بطاقات جبارة: حمل شخصية قوية جذابة تجمع روح النبوة مع اتساع الأفق، الحركة المستمرة للعمل مع عذوبة أسلوبه وسحر كلماته، يوبخ وينتهر بشجاعة مع فتح باب للرجاء، أمين لقوميته ومحب لكل البشرية، واقعي يدرك ما يحوط به في زمانه أما قلبه فمنطلق نحو المستقبل حتى يبلغ الأبدية عينها. هكذا تكشف شخصية إشعياء النبي عن نظرته نحو الإنسان والعالم، أيضًا طريقة تعامله مع الغير تكشف ذات نظرته هذه. فهو لا ينشغل كثيرًا بالألقاب ولا بالمراكز، مدركًا أن القوة الحقيقية تنبع في اللقاء الخفي الداخلي مع الواحد القدوس، لذا لا يخف من الحديث بكل جرأة مع الملوك أو ضد الأمم وفي نفس الوقت بكل رقة وحنان مع الأيتام والأرامل والمظلومين... لقد عرف قيمة النفس البشرية مجردة عن الأمور الزمنية والشكليات الخارجية. |
|