الانسان في عالم الارقام :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لاشك اننا نعيش في عالم ديجيتال ( رقمي ) لغته الوحيدة هى الارقام وصارت قيمة الناس محددة بــ ( الكــم ) ، فأغلب اسئلتنا اليومية هى كــم ..؟
مثلما نسأل : النهاردة كام ، درجة الحرارة كام ، الذهب بكام ، الدولار بكام ... راتبك الشهري كام ... الخ . ليس هذا فحسب بل إن الكثير من البيانات الشخصية مرتبطة بالارقام مثل العمر ، رقم التليفون أو الموبايل ، عدد الاخوة أو الابناء ... الخ .
المشكلة ليست في الارقام والكم بل في استخداماتها حتى صارت قيمة الناس في ارقامها فيما يمتلكونه من اموال ، وعقارات ، وثروات ، وارصدة بنكية ، واولاد ... الخ كما يقول المثل القديم " اللي معاه قرش يساوي قرش " .
وهناك فوبيا الارقام ( الخوف من الارقام ) عندما يصاب الانسان بالخوف والقلق وهو يترقب نتيجة التحاليل الطبية التي اساسها الارقام والاعداد ، وكذلك الطالب الذي ينتظر نتيجة الامتحانات ويكون مستقبله العلمي مرتبطاً بدرجة واحدة فاصلة .
إن كل ما يهتم به العالم هو الكم فقط دون الكيف .. كم راتبك وليس كيف تعيش ، كم عدد الاولاد وليس كيف تربيهم ، كم تمتلك من الشهادات العلمية وليس كيف تستخدم علمك في خدمة المجتمع . وهذا هو سبب الصراعات والتنافس بين الناس وبعضهم . فهناك مَن يتعب ويجتهد ويكافح ليس لكي يحسن مستواه المعيشي والاجتماعي والمادي بل ليصير غنياً وثرياً لكي يصل إلى رقم أعلى بين الارقام الاخرى .
هكذا اهان الانسان ذاته في بحثه وسعيه نحو الوصول إلى الارقام في مجالات الحياة المختلفة محاولاً تحطيم كل الارقام القياسية ، غير مدرك ان ايامه محدودة قصيرة كانت ام طويلة . يحصي ويعد اشياء كثيرة لكنه نسى ان يحصي ايام حياته ومراحم الله عليه لقد جهل الانسان حقيقة هامة هى :
ان قيمته الحقيقية تنبع من خالقه فهو مخلوق على صورة الله ومثاله ، ليست قيمته في امور مادية تافهة ستحترق يوماً ما ، وجهل ايضاً ان حياته ستكون اكثر اماناً عندما لا يضطرب ويهتم كثيراً بالارقام .