رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
شهود لقيامة المسيح (لوقا 24: 50-53) بعد تغلب الرُّسل على شكوكهم واستوعبوا الرِّسالة الفصحيَّة، أولاهم يسوع مسؤوليَّة الشَّهَادة على إنجيل الخلاص على الأرض حيث أنَّ هناك رابطة بين الإنجيل والشَّهَادة. فيسوع حدَّد مُهِمَّة التَّلاميذ كشهود للقيامة. والشَّهَادة، لها جانبان. جانب له علاقة برؤية حدث ما، أي الحصول على معرفة شيء ما من خلال الخِبرة الشَّخصيَّة وليس بناءً على الإشاعات. والجانب الآخر له علاقة بالقدرة على إعطاء تقريرًا عنها للآخرين. كون تلاميذ يسوع مدعوّين لأن يكونوا شاهدين للمسيح الرَّبّ يعني أنّهم مُطالبون، في المقام الأوّل، لأن يكون لديهم خِبرة شخصيَّة مع السّيّد المسيح، ومن ثمّ مشاركة الآخرين بهذه الخبرة. ماذا يفعل الرَّبّ يسوع لأولئك الّذين يختبرونه؟ أوّلًا، يضع السّلام في قلوبهم المُضَّطربة. ومن ثمّ يحاول إقناعهم بأنّ يسوع النَّاصري الّذي تألّم ومات موت عارٍ على الصَّليب هو ذاته الحيّ الآن في مجد الرَّبّ الإله. فيذهب إلى حدّ تناول السّمك المشوي، الّذي لا يحتاجه بطبيعة الحال، من أجل أن يوصل هذه النُّقطة. ومن ثمّ يفتح عقولهم على فهم الكُتُب المُقَدَّسة وكيف أنّها تُشير إليه. في الختام، يُكلّف يسوع تلاميذه بأن يكونوا شهودًا له "وأَنتُم شُهودٌ على هذه الأُمور" (لوقا 24: 48). وأمَّا التَّلاميذ فلم يفعلوا الكثير في لقائهم مع يسوع القائم سوى أنهم فتحوا عيونهم كي يروه، وفتحوا قلوبهم كي يُدخلوا سلامه إليها، وفتحوا عقولهم كي يتلقّوا تعليماته. وفي النِّهاية عندما دعاهم ليكونوا " شُهودًا على هذه الأُمور" (لوقا 24: 48)، لبّوا الدعوة وخرجوا للتبشير في العَالَم كلِّه، كما جاء كتابات لوقا "كانَ الرُّسُلُ يُؤدُّونَ الشَّهَادة بِقِيامَةِ الرَّبّ يسوع تَصحَبُها قُوَّةٌ عَظيمة، وعَلَيهِم جَميعًا نِعمَةٌ وافِرة" (أعمال الرُّسل 4: 33). وبقي حدث القيامة محور التَّبشير الرَّسولي " وإِذا لم يَكُنِ المسيحُ قد قام، فإِيمانُكم باطِل ولا تَزالونَ بِخَطاياكم" (1 قورنتس 15: 17). تقوم الشَّهَادة في الإقرار بحقيقة حدث ما، بالطَّريقة الرَّسميَّة التي تطلبها الظُّروف. فالرُّسل كشهود عيان مُكلَفون على هذه الأرض بأن يشهدوا لله أمام الشُّعوب الأخرى بقيامة يسوع من بين الأموات التي جاءت مصداقيَّة على سيادته المطلقة، كما صرح بطرس الرَّسول "يَسوعُ هذا قد أَقامَه اللّه، ونَحنُ بِأَجمَعِنا شُهودٌ على ذلك" (أعمال الرُّسل 2: 32). وقد أقيم بولس الرَّسول، على طريق دمشق، شاهدًا للمسيح أمام كلِّ البَشر (أعمال الرُّسل 15:22). ويجاهر بقيامة يسوع في كل مكان من البلدان الوثنيَّة (1 قورنتس 15: 15)، وينشى الإيمان في الجماعات المسيحيَّة بقبول هذه الشَّهَادة " وقد قُبِلَت شَهادَتُنا عِندَكم بِإِيمان" (2 تسالونيقي 1: 10). الشَّهَادة ينبغي أن تأخذ صورة واقعيَّة لوصولها إلى النَّاس، وذلك عن طريق التَّبشير بالإنجيل (متى 24: 14). وللقيام بمُهمَّة الشَّهَادة، لا بُدَّ للرُّسل أن ينالوا الرُّوح القُدُس الذي سيرسله إليهم، كما وعدهم السّيد المسيح " فَامكُثوا أَنتُم في المَدينَة إِلى أَن تُلبَسوا قُوَّةً مِنَ العُلى" (لوقا 24: 49). من هذا المنطلق، تقوم الرِّواية الإنجيليَّة على مستندات تاريخيَّة يُقدّمها شاهد عيان كما يؤكد يوحنا الإنجيلي "والَّذي رأَى شَهِد، وشَهادَتُه صَحيحة، وذاك يَعلَمُ أَنَّه يَقولُ الحَقَّ لِتُؤمِنوا أَنتُم أَيضًا" (يوحنا 19: 35)، لكن من حيث أنّ هذه الشَّهَادة يُلهمها الرُّوح القُدُس (يوحنا 16: 13)، فإنها تنصبّ نحو السِّر الفصحي الذي يختفي وراء الأحداث، ألا وهو سرّ كلمة الحياة ، يسوع المسيح الذي جاء في الجَسَد، كما جاء في تعليم يوحنا الرَّسول " لأَنَّ الحَياةَ ظَهَرَت فرَأَينا ونَشهَد ونُبَشِّرُكمِ بِتلكَ الحَياةِ الأَبدِيَّة الَّتي كانَت لَدى الآب فتَجلَّت لَنا" (1 يوحنا 1: 2). وإنّ المؤمنين، بقبولهم هذه الشَّهَادة الرَّسوليَّة، يحصلون منذ ذلك الحين في أنفسهم على شهادة يسوع التي هي نبوءة الأزمنة الجديدة (رؤيا 17:12). |
|