رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
غيرة رّبّ العمل على البشريّة (مت 20: 1-2) على ضوء إختلاف الأفكار والطرق البشريّة عن الإلهيّة الّتي أشار إليها اشعيا في رسالته النبويّة، سنتابع قراءتنا للمَثَل الّذي رواه الإنجيلي على لسان يسوع مفتتحًا إياه بقوله: «فَمَثلُ مَلكوتِ السَّمَوات كَمَثلِ رَبِّ بَيتٍ خَرَجَ عِندَ الفَجرِ لِيَستأجِرَ عَمَلةً لِكَرمِه» (مت 20: 1). قبل كل شيء هو مثل عن "الملكوت". أيّ إنّه أحد تلك الأمثال الّتي بحسب إنجيل متّى حيث يُقارن ملكوت الله بعمل بشري "يشبه ملكوت السموات…". هذا الجانب يخبرنا بالفعل عن المنظور الجوهري الّذي يتوجب علينا إتباعه لقراءة هذا المثل، فهو إعلان جديد عن ملكوت الله. يريد الإنجيلي أنّ يفسر لنا كيف يأتي الرّبّ ويدخل في علاقة معنا، كاشفًا عن طريقته في الخروج المستمر في تاريخنا البشري. هذا المنظور يحررنا من القراءة الأخلاقية للنصّ الكتابي فهو ليس نصًا يدعونا فقط إلى التصرف بشكل أخلاقي تجاه إخواننا من البشر وليس مجرد مسألة تحذيريّة من حسد الإنسان للآخر، بقدر إنّه إعلان عن الله وعن أفكاره وطرقه كيف يؤمن الرّبّ حياة كريمة لخلائقه بحسب دعوته للعمل (راج تك 3) ويدخل في حياتهم للعيش بحياة أفضل. الملكوت قريب منّا فهو داخل حياتنا البشريّة وليس ببعيد! ينطلق رّبّ العمل برّوح الغيرة الّتي تحمل العمل والصلاح للبطاليّن (أنا وأنت)، الّذين يُعانون من اللاعمل. هذا المثَل الّذي وضعه متّى الإنجيلي على لسان يسوع، في حقيقته بسيط إلّا إنه يحمل مفهوم لّاهوتي عميق. بعد أن أشار في المقدمة أنّ هذا المثل هو ما يشبه حقيقة الملكوت الأبدي يمكننا التمتع به من خلال حياتنا الأرضية. يستمر يسوع في رواية المَثَل مشيراً بأنّ هناك رّبّ العمل الـمعرَّوف بأنّه مالك الأرض، وهو تعبير يتكرر سبع مرات في إنجيل متّى. ونجده على وجه الخصوص في خطبة الأمثال (راج مت 13 :27)، وهو أيضًا مثل آخر عن الملكوت. أيضًا في مثل الكرم يكون المالك هو الله نفسه، وتعمل رواية المثل على وصف طريقة تصرفه. صاحب الكرم، في مثلنا لديه كرم فائق الطبيعة وهو بذاته يخرج في ساعات مختلفة داعيًا عمالاً للعمل اليّومي لديّه. الكرم في الكتاب المقدس يشير إلى إسرائيل (راج أش 5: 7). لذلك، ليس إسرائيل هو موضع التساؤل في هذا المثل، كما سنكتشف أنّ النتيجة النهائية: «هَكذا يَصيرُ الآخِرونَ أَوَّلين والأَوَّلونَ آخِرين» (مت 20 :16) ومستقبلاً سينطبق هذا على إسرائيل، كشعب الله ثمّ الكنيسة وعلاقتها بالله. ثم يروي الإنجيلي بأنّ قرار المالك بالخروج من كرمه باحثًا عم عمال لكرمه سيتم في أوقات مختلفة من اليّوم داعيًا دائمًا العمال الجُدد إلى كرمه بذات الصيغة: «اِذهَبوا أَنتُم أَيضاً إِلى كَرْمي، وسَأُعطيكُم ما كانَ عَدْلاً» (مت 20: 4. 5. 6. 7). خرج صاحب الكرم، عند الفجر، ثمّ في التاسعة صباحًا، وعند الظهر، وعند الثالثة عصرًا وأخيراً في الساعة الخامسة، فهو بذاته يخرج ويدعو العمال للعمل في كرمه. يدهشنا رّبّ العمل هذا فهو دائمًا في حالة تنقل، فهو لا يرتاح طوال اليّوم إلّا إذا وجد عمالاً جدداً لكرمه ولا يمكنه تحمل استبعاد شخص ما بطالاً دون عمل بالساحة ينتظر مَن يطلبه للعمل، فهولاء ما يُطلق عليهم "عمال اليوميّة" بالمجتمعات الشرقيّة. ثم يحاورهم قائلاً: «لِماذا قُمتُم هَهُنا طَوالَ النَّهارِ بَطَّالين؟» (مت 20: 6). يرتكز متّى على سلوك صاحب الكرم وبحثه عن عمل يومي لعمال بطاليّن متواجدين بالساحة ينتظرون مَن يطلبهم للعمل متفقًا مع كلاً منهم على حدى على دينار كأجرة. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
إنها غيرة المسيح المقدسة ـ غيرة محبته الشديدة |
ليست كل غيرة، هى غيرة مقدسة |
إن لم تقضِ البشريّة على الحرب، فلسوف تقضي الحرب على البشريّة |
البشريّة المريضة |
غيرة النساء في العمل |