أن التذمر سبب من الأسباب التي تمنع الدموع.
فإن الإنسان في تذمره يكون ساخطًا، وشاعرًا بأنه لا يستحق كل هذا الذي يحدث له. وفي سخطه وتذمره يفقد التواضع ويفقد الانسحاق اللذان يجلبان الدموع.. وفى التذمر، يشعر الإنسان أنه مظلوم، وبالتالى يدين من ظلمة. وهكذا ينتقل من التفكير في خطاياه، إلى التفكير في خطايا غيره.. وهذا ضد منهج الدموع.. والذى يتذمر قد يتذمر على الله نفسه، فيجدف، وفي كل ذلك يكون بعيدًا عن الجو الروحي الذي تسيل فيه الدموع.. بل إنه تذمره قد يدخل في قساوة.
القلب، وفي الاعتداد بالذات، وفي الغضب والحقد.. ولا يمكن أن يجد دموعًا وسط هذه المشاعر الخاطئة كلها إن كانت الدموع تتفق مع التواضع والانسحاق، فلاشك أن كبرياء القلب وكبرياء التصرف، كلها تمنع الدموع.. وإن كانت الدموع تتفق مع لوم النفس وتبكيت الذات، فبالتالي يكون الفخر والحديث عن فضائل النفس، من الأسباب المانعة للدموع. فلا يمكن أن يبكى الإنسان وهو سعيد بذاته، يرفع شأنها، ويمتدح صفاتها. نفس الكلام نقوله عن العظمة، ومحبة المناصب والمتكآت الأولى، ومحبة الكرامة ومديح الناس.. فكل هذه تمنع الدموع تمامًا.. لأن الدموع تتفق مع الشعور بالضعف، وليس مع الشعور بالقوة والعظمة والسلطان.. كذلك فإن الافتخار بالدموع، يمنع الدموع.