أَمَّا هو، فَانصَرَفَ وَأَخَذَ يُنادي بِأَعلى صَوتِه ويُذيعُ الخَبَر،
فصارَ يسوعُ لا يَستَطيعُ أَن يَدخُلَ مَدينةً عَلانِيَّة، بل كانَ يُقيمُ
في ظاهِرِها في أَماكِنَ مُقفِرَة، والنَّاسُ يَأتونَه مِن كُلِّ مَكان
" كانَ يُقيمُ في ظاهِرِها في أَماكِنَ مُقفِرَة فتشير إلى تهرُّب يسوع من حماسة الجماهير الصَّاخبة الذين سيحاولون أن يقيموه ملكًا، كما سيفعلون بعد تكثيره الأرغفة والسَّمك (يوحنا 6: 14-15). لكن إقامة يسوع في المكان "المُقفِر" الذي يجب أن يُقيم فيه البَرَص، دلّ على أنّه طهّر المكان بحضوره، فلا مكان نجس. وفيما كان هذا المكان علامة البُعد عن الآخرين وإقصائهم، صار النَّاس يأتون إليه من كلّ مكان. وهذا الأمر يدلُّ أنّ البريَّة، خارج المدينة، التي كانت مسكنَ البَرَص والمُبعدين، أصبحت مكانًا مأهولاً، مقصودًا من الجميع، لأنّ يسوع ذهب إلى هناك فتحققت نبوءة أشعيا "لِتَفرَحِ البَرِّيَّة والقَفْر ولْتَبتَهِجَ الباديَّة وتُزهِرْ كالنَّرجِس" (أشعيا 35: 1). إنّ زمن الخلاص، الذي يتكلّم عنه أشعيا، قد بدأ بمجيء يسوع. فها هو يُفرِّح البريّة، بحضوره، فتُصبح مأهولة. إنّ وجود يسوع في البَريّة وشفاء الأبْرَص، هما تحقيق لأزمنة الخلاص المسيحانيَّة التي تنبأ عنها أشعيا النَّبي.