منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 29 - 03 - 2024, 12:07 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

أنشد القدّيس بولس المحبَّة







إن لم تكن فيَّ المحبَّة

في قلب المواهب التي منحها الله للمؤمنين في كنيسته، من صُنع معجزات ومواهب الشفاء وحسن الإدارة والتكلُّم باللغات (1كور 2: 28)، أنشد القدّيس بولس المحبَّة. واعتبر أنَّ كلَّ ما في الكنيسة لا يأخذ كامل معناه إلاّ إذا أنعشته المحبَّة. وجاء كلامه متدرِّجًا مع عبارة تكرَّرت ثلاث مرّات: »ولا محبَّة عندي« (1كور 13: 1، 2، 3). جاء المتكلِّمون بالألسنة. فقال لهم: »لو تكلَّمت بلغات الناس والملائكة، ولا محبَّة عندي، فما أنا إلاّ نحاس يطنّ وصنج يرن« (آ1). أستطيع أن أنطق بألسنة، ربَّما تبجُّحًا واستكبارًا على الآخرين. فإن لم يكن من يفسِّر، لا أتميَّز عن النحاس والصنوج التي لا نفْسَ لها. وجاءه أصحاب العلم والمعرفة، وهو القائل أنَّ العلم ينفخ، فأجابهم: »ولو وهبني الله النبوءة، وكنتُ عارفًا كلَّ سرٍّ وكلَّ علم، ولي الإيمان الكامل أنقل به الجبال، ولا محبَّة عندي، فما أنا بشيء« (آ2). حسبوا نفوسهم شيئًا، فإذا هم لا شيء. إلى هؤلاء لا يهتمُّ بولس. بل الله نفسه يتنكَّر لأعمالهم على مثال ما قال أشعيا في أولئك الذين يجيئون إلى الربّ بالتقدمات والذبائح (أش 1: 13) على متسوى اللسان، لا على مستوى القلب. فالربُّ لا يرضى (آ11)، بل هو لا يطيق (آ13) مثل هذه العواطف الكاذبة، ويحجب وجهه (آ15) لئلاّ يرى.

وجاءت فئة ثالثة، أصحاب المعونة والإسعاف. قال: »ولو فرَّقتُ جميع أموالي على الجائعين وسلَّمت جسدي ليحرق، ولا محبَّة عندي، فما ينفعني شيء« (آ3). يا ضياع التعب والتضحية. لا فائدة. فما يعطي الحياة معناها والأعمال مرماها، هو المحبَّة.

وما اكتفى الرسول بأن يُطلق هذا المبدأ الذي لا يقبل بشواذً، بل قدَّم بالتفصيل كيف يعيش المؤمنون المحبَّة. هناك أمور سلبيَّة نتحاشاها. لهذا جاءت الوصيَّة مع النافية. خمس مرّات: لا تسيء التصرُّف. لا تطلب منفعتها. لا تحتدّ. لا تظنُّ السوء. أو: لا تحتفظ بالحقّ (آ5). ثمَّ في آ6: »المحبَّة لا تفرح بالظلم«. هي لا تعذر الإخوة. لا تغطّي الخطايا، فتحسبُ الشرَّ خيرًا والخير شرٌّا، النور ظلمة والظلمة نورًا، الحلو مرٌّا والمرُّ حلوًا (أش 5: 20).

والأمور الإيجابيَّة تنطلق من محبَّة الله التي لا تذكر هنا، فتصل إلى القريب ذاك الذي نلتقي به كلَّ يوم: الأخ وأخوه. الأمّ والابنة. الرجل وابنه. وفي الرعيَّة، وفي الدير. نتحاشى ما يجب أن نتحاشاه، ونقوم بالأعمال التي تدلُّ على محبَّتنا في خطِّ ما نعرف من الإنجيل.

»المحبَّة تصبر وترفق« فالربُّ يُدعى »كثير الأناة، البطيء عن الغضب، وكثير المراحم واللطف« (خر 34: 6). ومثله يكون كلّ ابنٍ من أبنائه. يكون المحبَّ والرفيق وحامل الصدق. »المحبَّة تصفح«. أما هكذا كان كلام الربّ: »إن غفرتم للناس زلاّتهم، غفر لكم أبوكم السماويّ. وإن لم تغفروا لا يغفر لكم أبوكم« (مت 6: 14-15). فالمحبُّ لا يترك الحقد في قلبه. وإن هو غضب »لا تغرب الشمس على غضبه« (أف 4: 26). »والمحبَّة تصدِّق«. فالمؤمن لا يغشّ ولا يكذب. على ما قال الرب« فليكن كلامكم نعم أو لا، وما زاد على ذلك فهو من الشرّير« (مت 5: 37). تلك هي روحانيَّة الرسول: »هل أدبِّر أموري تدبيرًا بشريٌّا، فأقول نعم نعم ولا لا في الوقت ذاته؟ ويشهد الله أنَّ كلامنا لكم ما كان نعم ولا، لأنَّ يسوع المسيح ابن الله الذي بشَّرْنا به بينكم... ما كان نعم ولا، بل نعم كلُّه« (2كور 1: 17-19).

»والمحبَّة ترجو كلَّ شيء«. هي تعيش في قلب الرجاء، لأنَّها تنتظر في الآخرة ما تعيشه منذ الآن. كما ترجو أن لا تتغلَّب الخطيئة في القلوب. فالمؤمن يتذكَّر مَثَل التينة العقيمة، الذي أعطاه يسوع بعد ثلاث سنوات من البشارة. جاء صاحب الكرم يريد أن يقلعها، فأجابه الكرَّام: »اتركها، يا سيِّدي، هذه السنة أيضًا، حتّى أقلب التربة وأسمِّدها. فإما تُثمر في السنة المقبلة، وإمّا تقلعها« (لو 13: 8-9). كما الربُّ لا ييأس من شعبه بالرغم من خطاياه، كما ينتظر ابنه الضالّ الذي هو لا بدَّ راجع عليه، هكذا تنتظر الكنيسة وتعامل أبناءها بالرفق.

في آ4، تحدَّث الرسول عن المحبَّة التي »تطيل روحها«. تنتظر وتنتظر. في آ8، هي تصبر وتبقى ثابتة لا تتزعزع. هكذا كان الأب المحبّ ينتظر ابنه الذي مضى إلى البعيد. ما إن وصل حتّى استقبله أطيب استقبال.

في هذا الإطار عينه، نستطيع أن نقرأ بعض الأعمال التي يقوم بها المؤمن فيعبِّر عن محبَّته في ظروف الحياة: »افرحوا مع الفرحين وابكوا مع الباكين. عيشوا في الاتِّفاق. لا تطلبوا التعالي، بل اقبلوا أن تكونوا متواضعين. ولا تحسبوا أنفسكم حكماء« (رو 12: 15-16)، وكأنَّ الآخرين جهّال يحتاجون لأن تعلِّموهم. ويمكن أن تتواصل اللائحة: »ساعدوا الإخوة القدّيسين في حاجاتهم. وداوموا على ضيافة الغرباء« (آ13).

وتنتهي اللائحة: »لا تجازوا أحدًا شرٌّا بشرّ، واجتهدوا أن تعملوا الخير أمام جميع الناس. ساعدوا جميع الناس إن أمكن، على قدر طاقتكم. لا تنتقموا لأنفسكم أيُّها الأحبّاء...« (آ17-19). هكذا تحبُّون بعضكم بعضًا كما الإخوة يحبّون. هكذا يكون الإكرام المتبادل، »بحيث تفضلِّون بعضكم على بعض« (آ10).

الخاتمة

الكلام عن المحبَّة عند القدّيس بولس حديث طويل. هي تنطلق من قلب الله فتفيض في قلوب المؤمنين. بل الله يعمل معنا نحن أحبّاءه، لأجل خيرنا في كلِّ شيء (رو 8: 28). محبَّة حملها المسيح في شخصه، فضحّى بذاته من أجلنا. محبَّة نعيشها يومًا بعد يوم مع الإخوة الأقربين. وهذا ما يفترض الخروج من الذات، بحيث »نطلب أن لا نرضي أنفسنا« (روم 15: 1)، بل »يعمل كلُّ واحد منّا ما يرضي أخاه لخير البنيان المشترك« (آ1-2). هكذا عمل يسوع (آ3) وهكذا نعمل نحن طالبين »الاتِّفاق في الرأي« (آ5). والمحبَّة تكون عمليَّة، فلا تكتفي بالشعارات والأقوال الفارغة. بل تفرض على كلِّ واحد منّا أن يبدِّل سلوكه اليوميّ فينتقل من البغض والحقد إلى التسامح والغفران. من حبِّ الذات حتّى حبّ الله والقريب، كما قال القدّيس أوغسطين: من حب الذات حتى بغض الله إلى حبِّ الله حتّى بغض الذات. عندئذٍ نفهم كلام الربّ. حين نخسر نفوسنا نخلِّصها. وكيف نخسرها؟ حين نحبُّ حتّى التضحية بنفوسنا، لأنَّ الموت في النهاية حياة، وحين نحاول أن نربح نفوسنا، ونربح معها العالم، تكون الخسارة الكبرى، خسارة الحياة الأبديَّة. يبقى السؤال: ونحن ماذا نختار؟
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
القدّيس البار بولس كْسيروبوتامو، والقدّيس بولس في جبل آثوس (القرن ۱۰م)
ايقونة القدّيس موسى النبي
القدّيس موسى النبي معاين الله‎ ‎
القدّيس موسى الحبشي البار
القدّيس موسى النبي معاين الله


الساعة الآن 05:02 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024