منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 25 - 03 - 2024, 12:51 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,632

يكشف لنا يسوع الّذي يتوجَّه إلى البرِّيَّة ليواجه تَجْربَة إبليس من خلال الصَّلاة


تَجْرِبَة يسوع:



يكشف لنا يسوع الّذي يتوجَّه إلى البرِّيَّة ليواجه تَجْربَة إبليس من خلال الصَّلاة -باتحاده بآبيه السَّماوي وبالرُّوح القُدُس وبالصَّوم. لم تكن تَجْرِبَة يسوع رمزيَّة فحسب، إنما أيضا تَجْرِبَة حقيقيَّة. وهي صراع عاشه يسوع خلال إقامته في البرِّيَّة، رافضًا المسيحانيَّة البشريَّة السِّياسيَّة التي عرضها إبليس عليه. في البرِّيَّة يُدرك يسوع وجود صوت آخر يُعاكس صوت الآب، كما حصل في البدء مع آدم وحواء. فحينما يتكلم الآب عن التَّضحية والصَّليب، يتحدث الآخر عن تحقيق الذَّات. وحينما يتكلم الآب عن الخدمة المتواضعة يتحدث الآخر عن القوَّة والنَّجاح. لذلك يدرك يسوع أنه عليه أن يختار إلى من سيصغي، والطَّريق التي سيمشي فيها، وفيمن سيضع ثقته.



بدأت التَّجْرِبَة بعد مَعْمودِيّة يسوع مباشرة (مرقس 1: 11-12) وانتهت بالموت والقيامة. فهناك صِلةٌ ٌوثيقةٌ بين المَعْمودِيّة والتَّجْرِبَة. فبالمَعْمودِيّة كرّس يسوع نفسه عن طريق الصَّليب، وفي التَّجْرِبَة عرض الشَّيطان ليسوع طرقًا لإنجاز رسالته دون إن يتعرّض للصَّليب رمز المسيحانيَّة الرُّوحيَّة. وإن ربط التَّجْرِبَة بالمَعْمودِيّة توضِّح معنى الحياة المسيحيَّة: أي المفروض في كل ابنٍ لله أن ينتصرَ على الشَّيطان.



لم يتكلم القدِّيس مرقس عن محتوى التَّجْرِبَة، ولا عن عددها، ولا الوسائل التي استخدمها يسوع للتغلب عليها، إنَّما الدُّخول فيها، وقام إنْجيل متى بذكر محتوى التَّجارب وعددها، حيث رفض يسوع التَّجارب الثلاث الأولى مع الشَّيطان (متى 4: 1-11) التي تقوده إلى مسيحانيَّة بشريَّة أرضيَّة، انتظارًا إلى التَّجْرِبَة الرَّابعة عند نهائية حياته العلنيَّة في النِّزاع في بستان الزَّيتون.





(ا) التَّجْرِبَة الأولى:

رفض يسوع في التَّجْرِبَة الأولى مسيحانيَّة أرضيَّة التي تُنسِّيه أنَّه إنسانٌ، واجبه أن يعمل بيديه مثل آدم (تكوين 3: 19)؛ فطلب الشَّيطان من يسوع أن يلجا إلى قوى فائقة الطَّبيعة بتحويل الحجارة إلى خبز " فدَنا مِنه المُجَرِّبُ وقالَ له: إِن كُنتَ ابنَ الله، فمُرْ أَن تَصيرَ هذِه الحِجارةُ أَرغِفة "(متى 4: 3). ويُعلق القدّيس غريغوريوس النَّازيانزيّ " إذا عرض الشَّيطان أمامك الحاجة التي ترهقك – فهو لم يمتنع عن فعل هذا مع يسوع -، إذا ذكّرك بأنّك جائع، لا تَبدِ وكأنّك تتجاهل اقتراحاته. علّمه ما لا يعرفه؛ قاومه بكلمة الحياة، بهذا الخبز الحقيقي المُرسل من السَّماء، والذي يمنح الحياة للعالم" (العظة 40، 10).



(ب) التَّجْرِبَة الثانيَّة:
رفض يسوع في التَّجْرِبَة الثانيَّة مسيحانيَّة أرضيَّة تُنسِّيه أنَّ عليه أن يمرَّ في الألم قبل أن يمرّ بالمجد، لذلك رفض اللجوء إلى قوته ليُبهر الجمهور بإلقاء نفسه من شرفة الهيكل كي يحمله الملائكة " إِن كُنتَ ابنَ الله فأَلقِ بِنَفسِكَ إلى الأَسفَل، لأنَّه مَكتوب: يُوصي مَلائكتَه بِكَ فعلى أَيديهم يَحمِلونَكَ لِئَلاَّ تَصدِمَ بِحَجرٍ رِجلَكَ"(متى 4: 5-6). ويُعلق القدّيس غريغوريوس النَّازيانزيّ " إذا نصب لك فخّ الفراغ – فقد استخدمه مع المسيح، عندما جعله يصعد إلى شرفة الهيكل وقال له: "أَلْقِ بِنَفْسِكَ مِن ههُنا إلى الأَسفَل" لكي يظهر له ألوهيّته – انتبهْ ألاّ تقع لمجرّد رغبتك في الارتفاع... " (العظة 40، 10).



(ج) التَّجْرِبَة الثالثة:

رفض يسوع في التَّجْرِبَة الثالثة مسيحانيَّة أرضيَّة التي تُنسِّيه عون الله الذي انتظره، كما انتظره شعبه في البرِّيَّة (خروج17: 2-7) ليساوم مع الشَّيطان لاقتسام العَالَم وثرواته " ثُمَّ مَضى بِه إِبليسُ إلى جَبَلٍ عالٍ جدًّا وأَراهُ جَميعَ مَمالِكِ الدُّنيا ومَجدَها، وقالَ له: "أُعطيكَ هذا كُلَّه إِن جَثوتَ لي سـاجدًا " (متى 4: 8). ويُعلق القدّيس غريغوريوس النَّازيانزيّ " إن جرّبك بالطَّموح، مُظهرًا لك من خلال رؤيا سريعة، كلّ ممالك الأرض وكأنّها تخضع لسلطته، وإذا طلب منك العبادة، أرذله: فهو ليس سوى أخ بائس. قلْ له، واثقًا بالختم الإلهي: "أنا كذلك صورة الله؛ لم أقعْ مثلك من أعلى مجدي بسبب كبريائي! أنا لبستُ المسيح؛ لقد أصبحتُ مسيحًا آخر بمعموديّتي؛ فعليك أنت أن تعبدني". حينها، سيبتعد عنك، أنا متأكّد من ذلك، مهزومًا ومهانًا بهذه الكلمات" (العظة 40، 10). إن يسوع لم يحاور الشيطان أبدًا، بل طرده بكلمات الكتاب المقدس، بكلمة الله. ويعلق البابا فرنسيس "لا يجب أن نتحاور أبدًا مع الشيطان" (27 كانون الأول 2023).



انصرف إبليس عن المسيح إلى الوقت المُعين، كما جاء في إنْجيل لوقا "فلَمَّا أَنْهى إِبليسُ جمَيعَ مَا عِندَه مِن تَجْرِبَة، اِنصَرَفَ عَنه إلى أَن يَحينَ الوَقْت" أي وقت الآلام والصَّلب (لوقا 4: 13). وهكذا تغلب يسوع على إبليس (مرقس 3: 27). ويعلق التَّعليم المسيحي: "إن انتصار يسوع على المجرّب في البرِّيَّة هو استباق لانتصار الآلام، أي خضوع مَحَبَّة يسوع المُطلقة للآب" (التَّعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكيَّة، 539). ويُعلق البابا يوحنا بولس الثاني: "إنَّ الكنيسة تشارك في انتصار المسيح على الشيطان".



(د) التَّجْرِبَة الرَّابعة والأخيرة:

كانت التَّجْرِبَة الأخيرة نزاعه في بستان الزيتون كما قال يسوع للَّذينَ قَصَدوا إِلَيه مِن عُظَماءِ الكَهَنَة وقادَةِ حَرَسِ الهَيكَلِ والشُّيوخ "كُنتُ كُلَّ يَومٍ مَعَكم في الهَيكَل، فلَم تَبسُطوا أَيدِيَكُم إِليَّ، ولكِن هذه ساعتُكم! وهذا سُلطانُ الظَّلام! "(لوقا 22: 53). فما حدث خلال الأربعين يومًا في البرِّيَّة لم يكن إلا بداية معركة ذُروتها عند الصَّليب والصَّليب هو المِحنة الكبرى (يُوحَنَّا 12 :27-28) التي فيها برهن الله عن حبّه لخلاص الإنْسَان على يد ابنه يسوع المسيح " فإِنَّ اللهَ أَحبَّ العَالَم حتَّى إِنَّه جادَ بِابنِه الوَحيد لِكَي لا يَهلِكَ كُلُّ مَن يُؤمِنُ بِه بل تكونَ له الحياةُ الأَبدِيَّة. فإِنَّ اللهَ لَم يُرسِلِ ابنَه إلى العَالَم لِيَدينَ العَالَم بل لِيُخَلَّصَ بِه العَالَم " (يُوحَنَّا 3 :16-17).



اشتهى الشَّيطان القضاء على المسيح حيث صُلب، لكن المسيح المَصلوب جرّد خصمَه من كل سلطان، كما جاء في تعليم بولس الرَّسول: "خَلَعَ أَصحابَ الرِّئاسةِ والسُّلْطان وشَهَّرَهم فسارَ بِهِم في رَكْبِه ظافِرا" (قولسي 2: 15). وروايةُ التَّجارب هي بمثابة صورة لكلّ الظروف التي تُمتَحَنُ فيها أمانةُ يسوع لرسالته، حتى الصَّليب كما يوكّده تحدِّي عُظماءُ الكَهَنَةِ والكَتَبَةِ والشُّيوخ بقوله له: " فَليُنقِذْهُ الأنَّ، إِن كانَ راضِيًا عَنه، فقَد قال: أَنا ابنُ الله" (متى 27: 43). وهكذا كان للمسيح حرب مع إبليس انتهت في موت يسوع وقيامته.



نتيجة التَّجارب انتصر يسوع على المُجرّب منذ البداية حتى النِّهاية (لوقا 4: 13). فأعاد البشريَّة إلى وضعها الحقيقيّ وإلى دعوتها في أبّوة الله، كما جاء في تعليم صاحب الرِّسالة إلى العبرانيِّين " لَمَّا كانَ الأَبناءُ شُرَكاءَ في الدَّمِ واللَّحْم، شارَكَهُم هو أَيضًا فيهِما مُشاركةً تامّة لِيَكسِرَ بِمَوتِه شَوكَةَ ذاكَ الَّذي لَه القُدرَةُ على المَوت، أَي إِبليس، ويُحَرِّرَ الَّذينَ ظَلُّوا طَوالَ حَياتِهِم في العُبودِيَّةِ مَخافَةَ المَوت. فإِنَّه كما لا يَخْفى علَيكم، لم يَقُمْ لِنُصرَةِ المَلائِكَة، بل قامَ لِنُصرَةِ نَسْلِ إِبراهيم" (عبرانيِّين 2 :14-15).





(ه) انتصار يسوع في التَّجارب



جُرِّب يسوع كما نُجرب نحن ولكنَّه لم يخطأ " لَقَدِ امتُحِنَ في كُلِّ شَيءٍ مِثْلَنا ما عَدا الخَطِيئَة"(عبرانيِّين 4: 15)، بل خرج يسوع من التَّجْرِبَة منتصرًا، ولم يدع الشَّيطان يفصله عن الله. انتصر يسوع على المُجرِّب في عقر داره (لوقا 11: 18-19). فهو "الإنْسَان" الذي يحيا بكلمة الله وفي الوقت نفسه هو الرَّبّ "المُخلّص"، الذي يُساند شعبه في تجربته (متى 16: 1). فحمل على الصَّليب خطيئة البشر وحوّل تَجْرِبَة التَّجديف إلى شكوى بنويَّة، والموت اللامعقول إلى قيامة " فَوضَعَ نَفْسَه وأَطاعَ حَتَّى المَوت مَوتِ الصَّليب، لِذلِك رَفَعَه اللهُ إلى العُلى ووَهَبَ لَه الاَسمَ الَّذي يَفوقُ جَميعَ الأَسماء" (فيلبي 2: 8-9). وأعاد البشريَّة إلى وضعها الحقيقيّ وإلى دعوتها في أبّوة الله (عبرانيِّين 2 :10-18). وهكذا كل تلميذ المدعو لخدمة الله أن ينتظر مجابهة مماثلة، وان يتمتع بغلبة مماثلة. ويُعلق الرَّاهب الدومنيكاني جان تولي: "في أوقات التَّجْرِبَة، يجب على الإنْسَان الذي لا يريد سوى الله ولا يرغب إلاّ فيه، أن يحتمي به وينتظر بكلّ صبر أن تعود السَّكينة" (العظة 23 للأحد بعد الصُعود). وفي هذا الصَّدد يُوصينا بولس الرسول في جهادنا ضد الأرواح الشرية: "شُدُّوا أَوساطَكم بِالحَقّ والبَسوا دِرْعَ البِرّ. وشُدُّوا أَقْدامَكم بالنَّشاطِ لإِعلانِ بِشارةِ السَّلام، واحمِلوا تُرْسَ الإِيمانِ في كُلِّ حال، فبِه تَستَطيعونَ أَن تُخمِدوا جَميعَ سِهامِ الشِّرِّيرِ المُشتَعِلَة. واتَّخِذوا لَكم خُوذَةَ الخَلاص وسَيفَ الرُّوح، أَي كَلِمَةَ الله." (أفسس 6: 14-17).

رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
يريد يسوع أن يكشف لنا من خلال مثل الخروف الضَّالّ والدرهم الضائع ووجه الله الرحيم
دوام التجربة طوال إقامة يسوع في البرِّيَّة
تتّحِد الكنيسة كل سنة بسر تجربة يسوع في البرِّيَّة
ذهاب يسوع إلى البرِّيَّة بفعل الروح القدس
يسوع فجرَّبه الشيطان في البرِّيَّة


الساعة الآن 07:35 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024