رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ينفذ إلى جميع الأرواح (ع 23). لأن الحكمة أكثر حركة من كل حركة، فهي لطهارتها تخترق وتنفذ كل شيء. [24] يكشف الإيمان بالثالوث القدوس حقيقة الله، أنه ليس بالكائن الأزلي الجامد، تحرك فقط عندما خلق السمائيين والأرضيين، إنما هو حركة حب أزلية قائمة في داخله بين الثالوث القدوس، لم تكن يومًا ما قوة كامنة بلا فعل، إنما فعل الحب كان قائمًا منذ الأزل. هذا الإله الذي هو الحب العامل يتحرك دومًا، فيخترق النفس البشرية ليطهرها ويقدسها، ويقيم منها أيقونة له، حيَّة وفعالة. حكمة الله حاضر دومًا، إذ يقول: "ها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر" (مت 20:28). وسنكون معه أيضًا في العالم الآخر. هنا ننعم بحضوره معنا وشركتنا معه، وهناك ننعم بوجودنا في أحضانه، نتمتع برؤياه وجهًا لوجه وتكون لنا شركة معه في المجد الأبدي. *لا يكفي أن يقول: "أريد أن هؤلاء يكونون حيث أكون" (راجع يو 24:17)، إنما أضاف: "يكونون معي". فإنه حتى الإنسان البائس يمكن أن يوجد حيث يوجد الله، فإنه أينما وجد البائس فالله أيضًا موجود. أما الطوباويون فهم وحدهم مع الله، فإنهم به وحده يمكنهم أن يكونوا مطوَّبين. ألم يُقل عن الله: "إن صعدتُ إلى السماء فأنت هناك، وإن هبطتُ إلى الهاوية فأنت حاضر" (مز 139: 8)؟ أليس المسيح هو حكمة الله التي تخترق كل مكان من أجل نقاوتها (حك 7: 24)؟ فالنور يشرق في الظلمة، والظلمة لم تدركه (يو 1: 3)(311). * إن كانت الحكمة هي الله، خالق كل الأشياء، كما يشهد السلطان الإلهي والحق (حك 7: 24-27)، فالفيلسوف هو محب الله. القديس أغسطينوس |
|