![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() الطبيعة الخادمة لخطة الله لعل من أروع ما سجله لنا هذا السفر تفسيره للأحداث خاصة الخروج، كيف يستخدم الله الطبيعة لتخدم خطته، لأجل حث الأشرار على التوبة، وتقديم مساندة لكنيسته المقدسة وسط الضيق. إنه إله المستحيلات، الذي خلق الطبيعة بكل قوانينها ونواميسها كعملٍ عجيبٍ، وهو بنفسه عند الضرورة يكسر هذه القوانين، ويحركها لخدمة خطته الإلهية. نذكر هنا أمثلة لما ورد في هذا السفر: 1. لم تعد أرض مصر المعروفة بخصوبتها تثمر لهم نباتات وترعى فيها الحيوانات، فصار المصريون الوثنيون في مجاعة وضيق شديد، بينما تقدم البرية الجافة القفر منًا وسلوى لشعبه (حك 16: 1-4). لم يستطع الأولون على ضفاف النيل أن يأكلوا أو يشربوا، بينما وجد كل مؤمنٍ من الشعب وسط البرية منًا نازلًا من السماء، يشبع تذوقه الخاص به، والصخرة تقدم له ماءً نقيًا. 2. لم يكن لدى اليهود في البرية نباتات ومراهم تُستخدم كأدوية، لكن بكلمة الله شفاهم، إذ وهبهم أن يُشفوا من لدغات الحيات القاتلة بمجرد التطلع إلى الحية النحاسية بإيمانٍ. سرّ الشفاء ليس في الحية ذاتها، إنما في الوعد الإلهي (حك 16: 5-8). هكذا خلق الله لنا النباتات التي تُستخرج منها مواد لشفاء الجسد، ووهبنا العقل البشري للأبحاث الكيمائية والطبية، لكن يبقى هو طبيب النفوس والأجساد، واهب الشفاء (حك 16: 12-15). 3. في تأديبه للأشرار يسمح بضربة تكسر قوانين الطبيعة، حيث تشتعل النار بقوة وسط البرد وسيول الأمطار الغزيرة على خلاف الطبيعة (حك 16:16). فمتى نزل البَرْد لا تكون سيول أمطار، وحيث تنزل سيول الأمطار تطفئ النيران. وكأن قوى الطبيعة تلاحمت معًا حتى بكسر قوانينها لأجل تأديب الأشرار وحماية الأبرار. 4. مرة أخرى لاحظ الحكيم أن الله وهبهم منًا من السماء له سمات غريبة، متى أشرقت الشمس عليه يذوب المن في الصباح المبكر، وتتشربه رمال البرية كأنه ماء يرويها، بينما إذا ما وُضع على النار لا ينحل، بل يحتفظ بشكله وطعمه، حيث يجد كل شخص المذاق الذي يستعذبه. 5. فقد المصريون القساة نور الشمس وتحولت بيوتهم إلى حبسٍ أو سجنٍ، وصاروا كأنهم مربوطون بسلاسل يخشون الحركة داخل البيت أو خارجه لئلا يسقطوا (حك 17: 15). كانوا كأسرى يعانون من العزلة والوحدة مع الخوف الشديد. بينما كان القديسون في البرية حيث العزلة الخارجية يرافقهم الله كعمود نورٍ. صاروا في ضيافته حتى وسط الليل، يشرق عليهم بنور الفرح الإلهي السماوي (حك 18: 13-14). شتان ما بين السكنى في المدن مع الحرمان والعزلة، والتحرك في البرية لكن في ضيافة الله نفسه القائد لهم في رحلتهم، والمشرق بنوره عليهم طوال أربعين عامًا. 6. الوسيلة التي اُستخدمت لتأديب الأشرار هي بعينها اُستخدمت لمكافأة أبناء الله. لقد أراد الأشرار إهلاك أطفال القديسين، وإذ وضع في النهر صارت المياه لا لهلاكه بل لانتشاله وإعداده لخلاص الشعب من العبودية. المياه التي أنقذت موسى وشعبه، أغرقت فرعون وجنوده (حك 18: 5). 7. صدر الأمر من فرعون بذبح أطفال القديسين خفية، وإذا بأبكار المصريين يقتلون علانية (حك 18: 6، 10). 8. عُرف وادي النيل بخضرته وخصوبة تربته، حوَّلها الجراد إلى قفرٍ مهلك، وعلى خلاف الطبيعة صار قاع البحر الأحمر بالنسبة للمؤمنين طريقًا ليس فقط للعبور خلاله، وإنما حوله الله كما إلى جنة أو مرج أخضر. صار قاع البحر حديقة مبهجة يتمتع بها المؤمنين أثناء عبورهم فيه (حك 19: 7)، وعلى خلاف قوانين الجاذبية الأرضية وقوانين السوائل وقف الماء على الجانبين كسورٍ يحمي المؤمنين العابرين فيه. 9. بينما ذاق المصريون الوثنيون المرارة من الظلام والخيالات والرعب داخل بيوتهم، أثناء ضربة الظلام وضربة قتل الأبكار، إذا بالمؤمنين يتمتعون بفرحٍ شديدٍ في البرية (حك 19:19)، فكانوا يسبحون الله على أعماله المجيدة معهم (خر 15). بعد خروجهم من البحر الذي أغرق فرعون جنوده، شعروا بالحرية الموهوبة لهم، حتى وإن كانت في البرية. صاروا كخيل يرعى في مرعى خصيب، أو كحملان تقفز وتلعب بسرورٍ. 10. ضُرب المصريون بالذباب (جاء النص العبري يعني حشرات صغيرة تطير، لذا يرى البعض أنها بعوض) يضايقهم كما يضايق حيواناتهم. هذا ما أنتجته لهم الأرض الزراعية. عوض أن تكون مرعى للحيوانات النافعة التي تقدم لبنًا وصوفًا ولحمًا (حك 19: 10). 11. إن كانت الأرض قدمت بعوضًا مؤذيًا عوض الحيوانات النافعة، فإن النهر فاض عليهم بالضفادع لتملأ بيوتهم وتتحول إلى أكوام نتنة في كل أرض مصر، يصعب التخلُص منها، وذلك بدلًا من الأسماك الشهية الطعم (حك 19: 10). 12. إن كان الله قد سمح للأشرار بهجومٍ برِّي من البعوض وبحري من جيوش الضفادع، فقد أظهر عنايته بالمؤمنين، حيث انطلقت أسراب ضخمة من السلوى (السمان) مهاجرة؛ وكانت في نهاية رحلتها تطير بالقرب من البحر فرأوها كأنها خارجة من البحر، حيث تطير على مستوى منخفض. كانت هذه الطيور مُجهدة تطير ببطءٍ، فأمسكوا بها، وقد أشبعت كل الشعب البالغ حوالي المليونين. 13. يقدم الحكيم مقارنة غريبة بين عمل الله مع غير المؤمنين وعمله مع المؤمنين. فمع غير المؤمنين حول الحيوانات شبه المائية (الضفادع) كما إلى حيوانات برية إذ تركت الضفادع المياه وانطلقت إلى بيوت المصريين ودخلت مخادعهم. وعلى العكس فإنه بالنسبة للمؤمنين حول لهم الحيوانات التي معهم كما إلى أسماك مائية تسير في قاع البحر تعبر من الشاطئ الشرقي إلى الغربي في أمان (حك 19: 18-20). هذا العمل الإلهي الفائق يُظهر عظمة الله الذي يحرك خليقته ويغير قوانينها لصالح أولاده كمن يعزف على قيثارته أنشودة الحب الفائق (حك 19: 17). 14. يرى الحكيم أن عمود النور الذي كان يحمي شعبه صار عازلًا شعبه عن المصريين غير المؤمنين. كان النور يسير وسط المياه والمؤمنون ومواشيهم في أمان بينما صارت خيول المصريين في انزعاج شديد، وكانت قوة النار تحرقهم. وكأن النار وهي وسط المياه من الجانبين صارت أشد حرارة مما هو خارج الماء. هذا والنار التي أزعجت الخيول لم تضر الأسماك والحيوانات البحرية التي كانت تسبح في المياه التي على الجانبين (حك 19:19-20). |
![]() |
|