+ يتحدَّث القديس كيرلس الكبير عن آية يونان النبي، وكيف كانت رمزاً لآية المسيح العُظمى في موته وقيامته من أجل خلاصنا، قائلاً:
[قد قال (الرب يسوع لليهود)، إنه ستُعطَى لهم آية يونان فقط، والتي يَقصُد بها الآلام على الصليب والقيامة من بين الأموات، لأنه يقول: «لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ، هكَذَا يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي قَلْبِ الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيـَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ» (مت 12: 40). ولكن لو أنه كان مُمكناً أنَّ المسيح لا يُريد أن يُقاسي الموت بالجسد على الصليب، لَما كانت قد أُعطِيَت هذه الآية لليهود. ولكن حيث إنَّ الآلام التي احتملها لأجل خلاص العالم كانت لابد منها؛ فقد أُعطِيَت هذه الآية لأولئك العديمي الإيمان لأجل دينونتهم… وكما أتصوَّره، فإنَّ إبطال المـوت ومُلاشاة الفساد بالقيامة مـن الموت - التي هي آية عظيمة جدّاً تدلُّ على قوَّة الكلمة المُتجسِّد وسُلطانه الإلهي - يتمُّ البرهنة عليها بشكلٍ كافٍ بالنسبة للناس الجادِّين، بواسطة جنود بيلاطس الذين عُيِّنوا لحراسة القبر… (مت 28: 13). فهي، إذن، آية ليست بدون منفعة، بل هي كافية لإقناع كل سُكَّان الأرض أنَّ المسيح هو الله، وأنه قاسَى الموت في الجسد بإرادته وحده؛ إذ أنه أَمَرَ رباطات الموت أن ترحل، وأباد الفساد. أمَّا اليهود، فلم يؤمنوا أيضاً بالقيامة…
ويُضيف الرب على ذلك، قـائلاً: «رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ فِي الدِّينِ مَعَ هذَا الْجِيلِ وَيَدِينُونَهُ» (لو 11: 32)؛ (وذلك) لأنهم (أي أهل نينوى) كانوا شرسين وأُمميين، ولا يعرفون الرب، الذي هو الله بالطبيعة وبالحق، ولم يسمعوا قط أيَّة نبوَّات من موسى، وكانوا يجهلون عظمة أخبار النبوَّة؛ ومع أنَّ هذه كانت هي حالتهم الذهنية، إلاَّ انهم تابوا بمُناداة يونان، كما يقول الرب. إذن، فقد كان هؤلاء الرجال أفضل جدّاً من الإسرائيليين، وسوف يدينونهم. ولكن أنصتوا إلى الكلمات نفسها: «رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ فِي الدِّينِ مَعَ هذَا الْجِيلِ وَيَدِينُونَهُ، لأَنَّهُمْ تَابُوا بِمُنَادَاةِ يُونَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَانَ ههُنَا!» (لو 11: 32)].