رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مشروع تعليمي لكنيسة المستقبل يستمد التعليم الكنسي أهميته واحترامه من شُهرة المسيح ربنا الذي ذاعت شهرته كمعلم (رابوني) بين تلاميذه وسامعيه؛ وحتى من أعدائه.. وقد لُقب بالسيد والمعلم، وكل من سمعوه بهتوا من الحكمة التي كانت تخرج من فيه؛ لأنه كان يعلم بسلطان. وتعليمه ليس له بل من الآب، وكان كثيرًا ما يتكلم بأمثال.. كذلك لُقب كل مَن وضع عليه الرب مسئولية التعليم في الكنيسة؛ فيكون كارزًا بالإيمان والحق والإنذار بكل حكمة؛ لكي يكون كل إنسان حاضرًا كاملاً في المسيح يسوع. وكل مَن يُدعى معلمًا عن غير أهليه؛ يهين كرامة المعلم الأوحد (لأن معلمنا واحد) وجميعنا له وعنده تلاميذ. لذلك من الأهمية عند صنع واقع ومستقبل أفضل للمؤسسات الكنسية التعليمية أن ننتقل من العموميات إلى المحددات؛ مستخدمين أدوات التفوق والتطور العلمي كأعظم منجزات مسيرة التمدن الإنساني؛ للاستفادة بثمرة التطور الطويل عبر مسيرات الحضارات الإنسانية المختلفة. فبدون وضع تصور ملائم يتمشى مع ظروف التعليم المناسب للعصر؛ ووضع مشروع تعليمي لكنيسة المستقبل؛ لن نرتقي إلى سُلّم الفكر المناسب والإبداع والعبقرية. وكي يكون هذا التصور ملائمًا؛ يلزمنا المراجعة والتقييم وممارسة النقد الذاتي العقلاني غير المنطلق من التشيُّع الوجداني؛ حتى يمكن تسجيل الإيجابيات ورصد السلبيات وأوجه التقصير؛ لأنه من غير المعقول أن نستمر في واقعنا بالدفاع عن الإخفاقات بمشاعر الإعجاب والوجدانيات؛ لأن الهوى في اللغة يفيد العاطفة كما يفيد السقوط والانحدار. ورسالة التعليم الكنسي هي كلمة المصالحة المشبَّعة بالرؤية الكونية؛ التي تتحاور وتجيب وتركز على قضية جمع كل شيء في المسيح. لذلك أبدع الآباء معلمو الكنيسة في التواصل مع كل الثقافات السائدة، وغرسوا رسالة الإنجيل في تربة كل الحضارات؛ لتأتي بالأمم والشعوب والقبائل أمام العرش؛ حاملين أعمالهم وتراثهم وثقافاتهم وتواريخهم، ليضم هذا التعدد خطابًا لاهوتيًا يتناسب مع الخليقة كلها.. وبدون رصد واقعنا وما هو الممكن؛ لن نخطو إلى الأمام؛ بل سنظل ننظر إلى الخلف؛ لأننا نفتقر إلى الواقعية ونتعامل معها بسطحية؛ كأنها مجرد افتراضات أكاديمية، بينما لا قيام لمشروع تعليمي معاصر؛ إلا بقياس الفارق بين ما ينبغي أن يكون؛ وبين ما هو كائن؛ لمعرفة المطلوب!!! الحقيقة أن ما يُقدّم من أعمال تعليمية هو بعض وليس كل ما ينبغي تحقيقه، وإلا نكون قد شابهنا الذين يصفون حالهم بأنه ليس في الإبداع أفضل مما هو كائن… وظاهرة الرضى والمبالغة في ترديد المنجز والاحتشاد بالمديح داء عياء عندنا، وهو لن يُسهم في تحديد المطلوب والمرتجىَ. مشروعنا التعليمي الكنسي يحتاج إلى تطور كيفي في نوعية المناهج والمقررات والتدريس والمدرسين.. يحتاج إلى كتب منهجية (Text books)؛ يحتاج إلى برامج وطرائق متطورة، وإلى أساتذة متخصصين؛ يحتاج إلى تحديث لمعاهدنا ومجلاتنا الأكاديمية؛ وإلى حرية البحث والحوار الأكاديمي؛ بالاحتكام لتعليم الآباء والنصوص الآبائية والتقليد؛ كمرجع رئيسي يحكم مسيرة البحث العلمي. القمص أثناسيوس فهمى جورج |
|