رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لم يسبق أن سمع أحدٌ تعليماً بمثل هذا السلطان، والنعمة، والحكمة . حتى أن أعداءه شهدوا بقولهم"لم يتكلم إنسان مثل هذا قط". فمعلّمي عصره كانوا يدعمون آراءهم بأقوال المعلّمين الذين سبقوهم، أما يسـوع فكان يستهل تعليمه بصيغة فريدة وغير معهودة:"الحق الحق أقول لكم"! فمَن كان هذا الذي يتكلم بصيغة "الأنا" وبمثل هذا السلطان؟ وكان الشعب بتلهف لسماع تعاليمه . كان رجال الدين آنذاك يستعرضون تقواهم بغية نيل مديح الناس، يصلّون في المجامع وفي زوايا الشوارع ليراهم الناس. غير أن الصلاة في الخفاء والكرم غير المنظور والديانة المتواضعة؛ هي النظام اليومي لأتباع يسـوع فنسمعه يقول:" وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَلَّيْتَ فَادْخُلْ إِلَى مِخْدَعِكَ وَأَغْلِقْ بَابَكَ، وَصَلِّ إِلَى أَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ . فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً". قديماً أوصى موسى بتحريم الزنى، وكان يمكن للإنسان أن يفتخر بأنه لم يكسر هذه الوصيّة ، ومع ذلك فعيناه مملوءتان بالزنى. فبينما يظهر بحسب الخارج بمظهر محترم؛ قد يكون ذهنه باستمرار متردداً في متاهات النـجاسة والزنى. أما يـسوع فقد ذكّر بتعليمه أن مجرّد عدم ارتكاب الزنى جسدياً ليس كافياً، فلا بد من النقاوة الداخليّة. فيقول :" قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَزْنِ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ". ثم تناول يسـوع في تعليمه موضوع "القتـل" فقال:" قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَقْتُـلْ، وَمَنْ قَتَـلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ، وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا (تعبير آرامي يعني الشخص الفارغ)، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ، وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ" . لأنه يبيّن أن الله لا يكره جريمة القتـل فحسب، بل يكره الغضب الجامح الذي يسبب القـتل أيضاً. ثم نسمعه يقتبس من العهد القديم الذي يعلم: "عين بعين وسن بسن"، وأما أنا فأقول لكم:" لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا."، لم ينقض يسـوع تعليم العهد القديم بتعليمه هذا لكنه وضع خطاً تحت المبدأ الذي يكمن وراءه، ويتمّم بأن يعطي فرصة للمحبّة لتطرد الانتقام كلياً. علّم رجال الدين "تحبّ قريبك وتبغض عدوك"، أما يسوع فجاء بمفهوم جديد لم يُعرف بتاريخ الفكر، مبدأ أخلاقي على جانب كبير من الصعوبة والقوة إذ قال:" وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ، لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ ". |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
علموني البكاء وما كنت اعرفة وياليتهم علموني كيف ابتسم |
مرة دخلت امتحان لقيت سوال اعرفة |