السيد المسيح في حديثه مع تلاميذه عن علامات المنتهى، بالرغم مما قدمه من طريق طويل وشاق للغاية لكنه بسلطان ألهب قلوبهم غيرة للدخول فيه؛ لهذا السبب تقدم لنا الكنيسة في قراءات يوم الثلاثاء من البصخة قصتين غاية في الأهمية: لقاء إيليا مع الله وسماعه صوته الإلهي لا خلال الريح العاصف الشديد ولا الزلزلة ولا النار بل خلال النسيم الهادئ اللطيف (1 مل 19: 4-9)، وتمتع نوح بالخلاص في الفلك وسط الطوفان. تمثل قصة إيليا الحاجة إلى الغيرة المقدسة للقاء مع الله، لكنها غيرة ملتهبة داخلية تقوم خلال النفس الهادئة في الرب، التي تحمل سماته حيث لا يصيح ولا يسمع أحد صوته في الشوارع (إش 42: 2؛ مت 12: 19). أما فلك نوح فيلتحم بغيرة إيليا ليترجم أعماقنا الداخلية واشتياقنا القلبي لملاقاة الرب إلى عمل جاد، فنقبل صليب الرب عمليًا كمن يدخل الفلك مع عائلته وحيواناته وطيوره لينعم باللقاء مع الله وسط هياج العالم الشديد والطوفان المهلك للكثيرين. هذا الفلك يمثل البيت الجديد الذي نقطنه هنا فيحملنا، مرتفعًا بنا فوق المياه، لذلك جاءت القراءات تحدثنا عن بيت الحكمة (أم 9: 1-11) المؤسس على الأعمدة السبعة التي هي أعمال الروح القدس.