"طوبى للأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله" (مت 5: 8 )

[joy]

"طوبى للأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله"
(مت 5: 8 )

قال الرب لصموئيل "ليس كما ينظر الإنسان، لأن الإنسان ينظر إلى العينين (أي إلى المظاهر) وأما الرب فإنه ينظر إلى القلب" (1صم 16: 7 ) .

فما الذي يراه الله عندما ينظر إلى القلب؟ يقول الرب "القلب أخدع من كل شيء وهو نجيس. مَنْ يعرفه؟ أنا الرب فاحص القلب مختبر الكُلى" (إر 17: 9 ) .

من أين إذاً نحصل على القلب النقي؟ صرخ داود قديماً "قلباً نقياً اخلق في يا الله" (مز 51: 10 ) وهذا القلب الجديد، هو عطية إلهية نحصل عليها بالولادة من الله نتيجة إيماننا بالمسيح، وبغير الإيمان لن يكون لنا قط القلب النقي (مز 51: 10 ) .

لكن هناك فكراً آخر وأعنى به النقاوة العملية للقلب وخلوه من النجاسة. وهذه النقاوة العملية للقلب هامة جداً كقول الحكيم "فوق كل تحفظ احفظ قلبك لأن منه مخارج الحياة" (أم 4: 23 ) ، وأيضاً "اتبعوا ... القداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب" (أم 4: 23 ) .

هيهات أن نظن أنه يمكن أن تكون لنا أية علاقة مع الله بغير القداسة العملية. إن العقيدة الصحيحة مهمة، واستنارة الذهن لازمة، لكن كل هذا مع أهميته يصبح "نحاساً يطن أو صنجاً يرن" لشخص غير نقى القلب. وعليه فيجب على المؤمن أن يسهر على حالة قلبه؛ كيف يفكر وبِمَ يتكلم. فتخلو حياته من النظرة النجسة والكلمة الدنسة والفكر الباطل، وتكون صلاته مع داود "لتكن أقوال فمي وفكر قلبي مرضية أمامك يارب صخرتي وولي" (مز 19: 14 ) .

لكن هناك معنى آخر لنقاوة القلب ذكره داود في مزمور24: 4عندما عرَّف نقاوة القلب بالقول "الذي لم يحمل نفسه إلى الباطل، ولا حلف كذباً". فهو في علاقته مع الله ومع الناس ليس عنده تزييف ولا غش! وهذا المعنى قريب جداً من المعنى الوارد في تطويب الرب في متى5: 8. فنقاوة القلب هنا بحسب الأصل اليوناني تعنى بساطة القلب، أي ليس أمامه سوى هدف واحد. وما أجمل أن يكون لنا هذا القلب البسيط غير الموزع الذي لا يهمه سوى مخافة الله كقول داود النبي "وحِّد قلبي لخوف اسمك"، وكقول الرسول يعقوب "نقوا أيديكم أيها الخطاة، وطهروا قلوبكم يا ذوى الرأيين" (يع 4: 8 ) . إن الذي له هذا القلب الموحّد، له العينان الحمامتان فيرى الله، بل لا يرى سواه.