|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
رغم أن بنوة الابن أُعلِنت في العهد القديم، وفي بشارة الملاك للقديسة مريم، ولكنها الآن تأتي بشهادة الآب نفسه: “هذا هو ابني الحبيب”. وشهادة المحبة هي شهادة خاصة، لا يمكن أن تقال إلَّا من الذي يحب، ولا يمكن أن تقال في غيبة المحبوب. هذه الشهادة مكونة من كلمتين: ابن – المحبوب، وكلتا الكلمتين تحملان معاً ما هو خاصٌ بالمحبة، وهو ما هو خاص بجوهر الحياة الإلهية. لم يسبق أن شهد الآب عن أي آخر في كل أحداث الحياة، ولا شهدت الأسفار عن آخر قيل إنه ابني، مع إضافة “الحبيب”. لقد قيل: “من مصر دعوت ابني”، ولكن الآن تجيء كلمة “الحبيب”. وهي تعبير عن خصوصية المحبة في العلاقة الحميمة التي لا يمكن أن تكون علاقة عامة: هذا هو ابني … وفي المزمور: “أنت ابني أنا اليوم ولدتك”، وهي الولادة التي ينبغي أن تحدث مستعلَنة في الاغتسال بالماء، وفي فصل المولود عن الافتخار العرقي لجنس إسرائيل، رغم أن الأم والأنساب يجيئون من إسرائيل، ولكن هذا هو العصر الجديد، عصر إعلان البنوة التي تُعلن في الابن، والتي تعطى بالروح القدس في المسحة، ليس لأن الابن لم يكن ابناً، وهي سقطة الهراطقة، ولكنه كان الابن الأزلي الذي أُعلِنت بنوته في الزمان من أجل الزمانيين. والإعلان من أجل الزمانيين هو إعلانٌ بلا قيمة إن لم يكن الابن أزلياً، فمن أجل الزمانيين أخذ الابن المولود من الآب قبل كل الدهور جسداً زمانياً لم يكن له قبل أن يولد في الزمان. الحساب بالزمن يفسد كل استعلان، ويجعل علاقة الله بالإنسان مسرحية هزلية بلا قيمة؛ لأن ما هو زماني هو في النهاية زائل، وذاهب مع زمان البشرية الذي ينكسر دائماً عند القبر، وعندها يصبح كلمة تغوص في دياجير الماضي. “اليوم ولدتك”، هو اليوم الباقي، وقد سجَّل سفر الخليقة تلك الملاحظة الرائعة، فقد خُلِقت السماء والأرض في ستة أيام، ولكن هذه الأيام الستة هي “مبادئ السموات والأرض، حيث خُلِقَت يوم عمل الرب الإله الأرض والسموات” (تك 2: 4 – 5). فاليوم هو زمان الخلق، لا يُحسب بالأيام “هذا هو اليوم الذي صنعه الرب” (مز 118: 24). وماذا عن الأمس؟ وماذا عن الغد؟ “اليوم إن سمعتم صوته لا تقسُّوا قلوبكم” (عب 3: 7)، فهل يجوز لنا أن ندخل القساوة بعد نهاية اليوم؟ هذا تشويش العقل الخاضع لأحكام الزمان، وهو عقل يفقد رؤية ما هو أبدي لأنه مقيَّدٌ برؤية ما هو زماني، أي الحس والإدراك الواقع تحت الحواس الخمس بدون حتى “الحدس” الذي يفتح البصيرة على ما هو أعلى من الحواس الخمس. |
|