v لستُ أقصد أن أُقَلِّل من فضيلة سلفائنا خاصة الاستضافة. في الحقيقة إنها من بين الفضائل الأكثر سموًا التي مارسها الآباء، هذه التي تحنو نحو التقوى. استضاف أحدهم الله المُخَلِّص على مائدته، وآخر استضاف ملائكة. أحدهم نال مكافأة، فصار له ابن في شيخوخته، والآخر تمتَّع بالخلاص هاربًا من سدوم (تك 18-19). هذه التي تحدَّث عنها الرسول عندما حثنا على الاقتداء به: "لا تنسوا إضافة الغرباء، لأن بها أضاف أناس ملائكة وهم لا يدرون" (عب 13: 2).
على أي الأحوال لتكن لدى الشخص الذي يُقَدِّم استضافة حكمة الحية وبساطة الحمامة (مت 10: 16)، مُذعِنًا لوصية الربّ المضاعفة "كل من سألك فأعطه" (لو 6: 30)، "لا تُدخل كل إنسانٍ إلى بيتك" [27]. هذا لكيلا تجلب خطر ذئبٍ في مسكن يسكنه حمل (مت 7: 15)، أو دب حيث يوجد ثور (إش 11: 7)، الأمر الذي يُحَوِّل المكسب إلى خسارة.
أول كل شيءٍ، من الضروري مراعاة قدرتك على التسامح مع شخصيات صعبة للغاية.
أخيرًا يجب أن تضع في اعتبارك من هو هذا الذي تستقبله لينال منافع منك، هل هو غني أم فقير، بصحة جيدة أم ضعيف، محتاج إلى طعام أو ملابس. هذه هي المجالات التي خلالها تُمارَس الرحمة. بالحقيقة إبراهيم الطوباوي لم يستقبل في منزله (خيمته) مستشارين وقادة، الأشخاص المهيمنين في هذا العالم الزائل، الذين لديهم خيول... كان إبراهيم ساكنًا في مكانٍ خالٍ يستضيف العابرين، هؤلاء الذين يسافرون في الصحراء يأتون إلى الأب منجذبين نحو فضيلته، وقد صار منهم شحاذين في فقرٍ شديدٍ. بنفس الطريقة لوط الذي عاش في أَشرّ مدينة في هذه الصحراء، بحقٍ كان يُرَحِّب بكل العابرين، ليحفظهم من عادات سكانها.