يقف القدِّيس يوحنا الذهبي الفمفي دهشةٍ متسائلًا في أعماقه: ترى هل داود التقي كان قائد معركة أم كان مُعَلِّمًا أم كاهنًاأو أسقفًا؟ يراه المُعَلِّم الصالح، يحرص ألا يمد هو أو أحد رجاله إلى الشرّ. كان العسكريون يُرافِقون داود كي يحفظوه من مكائد شاول ومحاولته لقتله، وهو يرافقهم لكي يحفظهم من أي تصرُّفٍ أو فكرٍ غير مُقَدَّسٍ. إنه يهتم بخلاص نفسه كما بخلاصهم.
يراه أيضًا الكاهن أو الأسقف، فأينما وُجِدَ داود التقي حسب نفسه في حضرة الرب، كمن في هيكل مُقَدَّسٍ. كان الكهف في عينيه كنيسة مقدسة يُمارِس فيها عمل التعليم، تحدَّث مع مُرافِقيه كما مع شاول ليُرشِدَهم إلى طريق خلاصهم. كان يكرز بالحق، ويحرص على خلاص الكل.
يراه الذهبي الفم أشبه بأسقفٍ أو كاهن يُقَدِّم ذبيحة الحب وتقدمة الوداعة والرحمة. كما يراه أشبه بفدية، مُقَدِّمًا حياته مبذولة بعفوه عن مقاومه طالب نفسه، ويرى الكهف أشبه بمذبحٍ مُقَدَّسٍ وهيكل للرب لا يسمح بأي فكرٍ غير لائقٍ أن يكون له موضع فيه.