v لا يقدر أحد أن يبلغ إلى الخوف الكامل ما لم يحصل أولًا على الخوف البدائي. إذ يقول الحكيم ابن سيراخ: "بدء الحكمة مخافة الرب... إكليل (رأس) الحكمة مخافة اللّه" (ابن سيراخ 1: 12، 16)، قاصدًا بكلمة "رأس" الخوف البدائي الذي يتبعه الخوف الكامل الذي للقديسين.
يتوقَّف الخوف البدائي على حال روحنا، وهو يحفظ النفس من كل سقطة، إذ قيل إنه بمخافة الرب يتخلَّص كل أحدٍ من الشر. ولكن الإنسان الذي يتخلَّص من الشر بسبب خوفه من العقاب يشبه عبدًا يخاف من سيده، وبالتدريج يبتدئ يصنع صلاحًا طوعًا.
في البداية يعمل كأجيرٍ ينتظر الأجرة عن عمله الصالح. فإن استمر هكذا متجنبًا الشر بسبب الخوف كعبدٍ صانعًا الخير على رجاء نوال المكافأة كأجيرٍ، عندئذ يقيم في صنع الخير ويصير له تذوق خاص بالخير الروحي، فلا يعود يريد الانفصال عنه. عندئذ يصل إلى عمل الابن، فيحب الخير لأجل الخير ذاته، ورغم أنه يخاف، لكنه يعمل لأنه يحب. هذا هو الخوف العظيم الكامل.