في هذه الأيام تعلو الأصوات ويتكلم كثير جداً من الناس – بصورة مفرطة – في كل مكان سواء داخل الكنيسة أم خارجها، سواء في المواقع أو المنتديات، عن شخص المسيح والإنجيل، ويتخذون خط دفاعي عن المسيحية إزاء الأديان الأخرى ويتكلمون عن الشبهات وغيرها من القضايا اللاهوتية التي صارت معثرة عند الكثيرين ولا يفهمونها (وهذا ليس خطأ في حد ذاته)، ولكن المشكلة هي في أن البعض منهم يظنون أنهم بذلك يعرفوا يسوع ويعلنوه أمام الجميع، مع أنهم في الواقع العملي المُعاش، لا يعرفون سوى مسيح الكتب والذي يحيا في عقولهم بكلمات ومعلومات قد تكون صحيحة تماماً أو القليل أو الكثير منها خطأ، لأن لكل مجتهد معرفة حسب فهمه أو فكره أو حسب قدرته على البحث والتنقيب وقناعته الشخصية أو استلامه الفكر من أهل الثقة وربما من أهل العلم.
ولكن السؤال الأساسي والرئيسي الذي يطرح نفسه أمام الجميع بلا تمييز أو مواربة وهو: هل هذا هو المسيح الحي ملك الدهور ورئيس الحياة المعطي حياة وقيامة للنفس ورجاء لكل قلب، أم أن هذا تمثال آخر عن يسوع تصور في العقل بفلسفة الفكر ومعسول الكلام، والقلب مبتعد بعيداً عنه:
[ يقترب إلي هذا الشعب بفمه ويُكرمني بشفتيه وأما قلبه فمبتعد عني بعيداً ] (مت 15: 8)
[ فأجاب وقال لهم: حسناً تنبأ أشعياء عنكم أنتم المرائين كما هو مكتوب هذا الشعب يكرمني بشفتيه وأما قلبه فمبتعد عني بعيداً ] (مر 7: 6)