رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وكانَ يوحَنَّا يَلبَسُ وَبَرَ الإِبِل، وزُنَّارًا مِن جِلْدٍ حَولَ وَسَطِه. وكانَ يَأكُلُ الجَرادَ والعَسلَ البَرِّيّ تشير عبارة "وَبَرَ الإِبِل" إلى جِلْد الإبل، وهو لِباس الأنبياء (زكريا 13: 4). فكان يوحَنَّا شبيهًا بإيليا النَّبِيِّ في مَلابِسه (2 ملوك 1: 8)، وذلك للتمييز بينه وبين القادة الدِّينيِّين الذين كانت ثيابهم الفَضْفاضة الكبيرة الطَّويلة تعكس كبرياءَهم العظمية في مراكزهم. وقد رأى يسوع إيليا في شخص يوحَنَّا المَعمَدانُ "إِنَّ إِيلِيَّا قد أَتى، فلَم يَعرِفوه، بَل صَنَعوا بِه كُلَّ ما أَرادوا ...فَهِمَ التَّلاميذُ أَنَّه كَلَّمهم على يوحَنَّا المَعمَدانُ" (متى 17: 12-13). أمَّا عبارة "زُنَّاراً مِن جِلْدٍ حَولَ وَسَطِه" فيُعلق عليها القدّيس مكسيموس الطَّورينيّ " إنّ حزام الجلد يعني أنّ جسدنا الضعيف، المائل نحو الرَّذيلة قبل مَجِيء المسيح، سوف يقوده الرَّبّ نحو الفضيلة" (العظة 88). وأمَّا عبارة "الجَرادَ والعَسلَ البَرِّيّ " فتشير إلى طعام يوحَنَّا المَعمَدانُ وهو طعام الفُقراء الذين يعيشون في البَرِّيَّة (الأحبار 11: 21-22)، ومن هذا المُنطلق، فإن ملابس يوحَنَّا وطعامه كانت تدلُّ على الزُّهْد والتَّخلي عن اهتمامات العَالَم. أمَّا عبارة " الجَرادَ " في الأصل اليُونَاني ἀκρίδας فتشير إلى نوع من الحشرات من فصيلة الجُنْدب الذي هو مشهور بكثرة عدده وشدَّة شراهته. والنَّوع المذكور بكثرة في الكتاب المقدس هو النَّوع الاعتيادي المسمّى باللاتينية Oedipoda Migratoria : طول الواحدة منها 5سم أو أكثر لها أربعة أجنحة، الأمَامِيَّان أضيق والخلفيَّان واسعان شفافان، وللواحدة ست أرجل تمشي على أربع، وتقفز باثنين. وللجراد فم قارض يقرض أوراق الشَّجر والأعشاب والبراعم والزُّهور والثَّمار. وكان الجراد يعتبر في الشَّريعة من الحشرات الطَّائرة (لاويين 11: 21 و22). كان يوحَنَّا المَعمَدانُ يأكله ولا يزال يؤكل في بعض بلدان الشَّرق (متى 3: 4) وغالبًا كان الأسينيُّون يأكلونه. ويؤكل بقطع أرجله وأجنحته ورأسه ونزع أمعاؤه ثم يشوى اللحم الباقي على نار هادئة، وقد يقلى في الزَّيت أو يُجفف في الشَّمس ويُسحق، ثم يحفظ إلى حين الحاجة فيستعاض به عن الدَّقيق. أمَّا عبارة "العَسلَ" فتشير إلى نتاج النَّحل، الذي يأوي إلى الأشجار وشقوق الصَّخر. وورد ذكره في الكتاب المقدس في مواضع متعدِّدة، منها استعماله كطعام، مع اللبن والزِّبد (2 صموئيل 17: 29 وأشعيا 7: 15). ويعلق القدّيس مكسيموس الطَّورينيّ على ملابس وطعام يوحَنَّا بقوله " أيَّ علامة للتواضع لدى نبيّ أكبر من احتقار الملابس النَّاعمة وارتداء الوبر الخشن؟ أي علامة للإيمان أعمق من أن يكون المرء دائم الجهوزيّة للخدمة، وزنّاره حول وسطه؟ هل هناك علامة عن العفّة أكثر إشعاعًا من التَّخلّي عن ملذّات الحياة ليكون الطَّعام جرادًا وعسلاً بريًّا؟". |
|