أصبحت المسيحية راسخة في إقليم كبادوكية وما حولها في عهد دقلديانوس، حتى أن أرمينيا المتاخمة أصبح يحكمها ملك مسيحي. ولذا فقد رأى دقلديانوس أن يسند حكم كبادوكية وما حولها إلى حاكمين عُرِف عنهما الصرامة والقسوة ومقت المسيحية، وكان أحد هذين الحاكمين يدعى ليسياس. إيمان يوستراتيوس:
كان على رأس المُسَجِّلين في ديوان ليسياس Lysias رجل محنَّك يدعى يوستراتيوس Eustratius، من عائلة شريفة من أرمينيا، وقد غذّى وجدانه ما رآه من معجزات صاحبت تعذيب المعترفين. وكُلِّف ذات يوم أن يستدعي للمحكمة قسيسًا يدعى أوكسنتيوس Auxintius كان قد اعترف اعترافًا حسنًا أمام ليسياس. وفي أثناء المحاكمة أبدى يوستراتيوس إعجابه بالقس فأعلن هو أيضًا مسيحيته. عذاباته:
أمضى يوستراتيوس في وظيفته كسكرتير عسكري للوالي سبعة وعشرين سنة. جلب له اعترافه هذا التعذيب بالنار، فكان يبتسم للألم. وسأله الحاكم المغتاظ: "أتريد أن أفكر لك في شيء آخر بسيط يسليك؟" رحب يوستراتيوس بالاقتراح، فأمر الحاكم أن يؤتى بمحلول ملح مركز يضاف إليه خل وتحك مواضع حروقه بقطع من الفخار ثم يصب عليها من المحلول، لكن يوستراتيوس احتمل ذلك بهدوء. إيمان يوجينيوس وأورستوس:
كان أحد مرءوسيه ويدعى يوجينيوس Eugenius حاضرًا، فلما رأى ثباته الرائع صاح هو الآخر: "أنا مسيحي ومصمم على مقاومة رغباتكم وأوامركم". كما كان حاضرًا جندي اسمه أورستوس Orestes آمن هو أيضًا واعترف نفس الاعتراف. بعد ذلك أجريت عليهم صنوف التعذيب الرهيبة دون جدوى. وأخيرًا أعلن الحاكم أنه من العسير عقاب هؤلاء الناس لأن ذلك يقتضيه وقتًا طويلًا هو أحوج ما يكون إليه في تدبير شئون البلاد، فأمر بوضعهم في القيود الحديدية مع سواهم ممن سيستجوبون. بالليل سار الوالي في رحلة إلى مدينة نيكوبوليس Nicopolis وأصدر أوامره بأن يسير السجناء المسيحيون في أثره، ووضعت المسامير في أحذيتهم لتجعل السير شاقًا.وفي اليوم التالي مرت الرحلة بمكان يسمى أروراكا Arauraca، وكان هو موطن يوستراتيوس ويوجينيوس، وفي أثناء سيرهم انضم إليهم كثيرون. أخذ الوالي يحاول مع أوكسنتيوس الكاهن لعله يرجع عن ثباته، فأجابه: "سأقول لك في إيجاز: تشهد عليَّ عدالة السماء التي تسجل كل شيء أن تفكيري لن يتحول، وإنني أعرف إلهًا واحدًا ولست أعرف سواه"، فأمر الوالي بقطع رأسه. حدث أن استدعى الوالي مسيحيًا آخر يدعى مارداريوس Mardarius - وكان قد انضم إليهم مؤخرًا - وخشي الرجل أن يسخر الوالي منه لأنه لم يكن مثقفًا، فتوسل إلى يوستراتيوس: "صلِّ عني واخبرني كيف أجيب على أسئلة هذا الذئب". فأجابه يوستراتيوس: "لا تقل شيء يا أخي سوى: إني مسيحي، إنني خادم المسيح". فعل الرجل حسب هذه النصيحة، فما كان من الذئب إلا أنه أمر بأن يُعَلَّق الرجل ورأسه إلى أسفل في حبل يخترق عقبيه، وأن توضع عليه قيود حديدية محماة، فمات وشفتيه ترددان الشكر لله، وسرعان ما لحق به يوستراتيوس ويوجينيوس. نُقِلت أجسادهم جميعًا بعد ذلك إلى روما، ودُفِنت بإكرام في كنيسة القديس أبوليناريس St. Apollinaris.العيد يوم 13 ديسمبر.