قال الأنبا ألوس: كان يوجد معنا في البرية أحد الآباء يدعى يوحنا الذي صار شيخًا جليلًا وقد فاق كثيرين بنسكه وفضائله الكثيرة، وكان لا يستطيع أحد أن يجده في البرية، إذ كان ينتقل من مكان إلى آخر. وفي ابتداء جهاده استمر ثلاث سنوات في صلوات مستمرة، وكان يختطف قليلًا من النوم وهو واقف، كما اعتاد أحد الآباء الكهنة أن يأتيه بالأسرار المقدسة فيناوله كل يوم أحد. في أحد الأيام جاءه الشيطان في هيئة الكاهن ومعه خيالًا كأحد النساك، فأدرك القديس ذلك وقال له: "أيها الممتلئ غشًا وعدو كل صلاح لا تعد تتسلط عليَّ ولا على المؤمنين، الرب يسحق قوتك تحت أقدامنا سريعًا". فقال له إبليس: "بعد قليل سوف أتسلط عليك حتى أسقطك"، فانتهره القديس باسم الرب يسوع فاختفى عنه للحال. حدث أن رِجلا القديس تصلبتا وتورمتا ثم تفتحت وخرج منها صديد وماء كثير، لكن ملاك الرب قال له أن عطية الروح القدس تجعل لك الطعام الروحاني كافيًا له، وبعد أن شفاه من جراحاته قال له: "غادر ذلك المكان وادخل إلى داخل البرية"، فمضى القديس وكان يقتات ببعض الحشائش التي في البرية، ويأتي إلى مكانه كل يوم أحد ليتناول من الأسرار المقدسة.أراد مفلوج المضي إلى القديس، فشُفِي لوقته حسب إيمانه واستقامت رجلاه من قِبَل صلوات القديس، إذ علم بالروح دون أن يصل إليه. كذا إنسان آخر به شلل في جسده شفي بصلواته وشكر الله ومجَّد اسمه القدوس لأجل صلوات قديسيه.