بينما كنتُ أغادر الراهبات، وأنا على وشك الرحيل اعتذرَتْ مني إحداهنّ اعتذاراً شديداً، لأنّ مساعدتها لي في واجباتي كانت ضئيلة، ولأنها لم تكتفِ فقط أن تتوانى عن مساعدتي، بل حاولت أن تضع العراقيل في دربي. غير أنني كنتُ، أعتبرها في أعماق قلبي، محسنة لي لأنها ربّتني على الصبر إلى حدّ جعل مرّة راهبة عجوزاً تقول: «إنّ الأخت فوستينا هي إمّا مجنونة وإمّا قديسة، لأن، بالحقيقة، شخصاً عاديًّا لا يسمح لغيره أن يتصرّف دائماً نحوه بهذا الشكل وبدافع الحقد». تلك الراهبة حاولت أن تضع الصعوبات في عملي إلى حدّ نجَحَتْ، رغم جهودي، في أن تُفسِد كلّ ما أتقنتُ القيام به كما أقرّت هي بذلك قبل ذهابي، وطلبَتْ مني السماح عنه. لم أرد أن أستقصي نواياها واعتبرتُ تصرّفاتها تجربة من لَدُن الله.