رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ما هي مقومات السَّهر لمُلاقَاة الرَّبّ؟ إن لفظة "يسهر" بالمعنى المعروف عند النُّاس هو اليقظة وعدم النُّوم في الليل. وقد يفيد المعنى أيضًا مواصلة العمل أو اليقظة أو الانتباه لكل هجوم قد يُشنُّ من العدو أو مباغتة قد يُفاجأ بها الجُندي في المَعركة، وهنا السَّهر يأتي بغرض الحِماية والحِراسة كدفاع عن النُّفس، أو تأتي بغرض السَّهر في انتظار السَّارق لئلا يأتي ويسرق. ويُرشدنا مثل العَذارى العَشْرِ عن الخطوات التي يجب يتَّخذها المُؤمن في السَّهر للبلوغ حالة النضوج الرُّوحي. ومن هنا نشأ المعنى المجازي في الكتاب المقدس عن السَّهر في المقومات التَّالية: أولا: السَّهر بمعنى إعداد التَّدابير لمواجهة احتمال طويل الأمد بانتظار عودة الرَّبّ ما دامت ساعة العودة غير متوقِّعة، "فَاسهَروا إِذاً، لأَنَّكم لا تَعلَمونَ اليومَ ولا السَّاعة" (متَّى 113: 52). فالحكمة تتطلب من الإنسان التَّفكير في عواقب الأمور والانتظار بالسَّهر لمُلاقَاة العَريس الرَّبّ. وربَّما لا يعرف الإنسان المنتظِر متَى سيأتي الشَّخص المنتظَر (متَّى 25: 13)، ولا يعرف طول مدة الانتظار، لكنه، مع ذلك، ينتظر لأنه يريد أن يكون حاضرًا عند وصول الشَّخص المُنتظَر في نهاية المَطاف. والانتظار كلمة أساسيّة في رحلة إيماننا. هو فن لا يمكن ارتجاله، ويتطلب صبر يومي متواضع وأمل. في الواقع، القادر على الانتظار هو فقط ذلك الذي يثق بأنّ الشَّخص المُنتظر سوف يأتي حتمًا. نستنتج مما سبق انه ينبغي على أتْباع يسوع أن يكرِّسوا كلَّ حياتهم لله ويخدمونه بدافع المَحبَّة والولاء مهما طال انتظار الرَّبّ. لأنه لا أَحَدَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُحَافِظَ عَلَى ٱلْأمَّانَةِ أَوْ يُدَاوِمَ عَلَى السَّهَرِ نِيَابَةً عَنَّا. إن كل ما في الأمر هو عامل الوقت، فالحكمة مقرونة بالوقت، والحكماء يفتدون الوقت. وهذا ما أراد المسيح أن يوصله إلى تلاميذه في أنه يجب عليهم ليس فقط أن يكونوا تلاميذ بل أن يكونوا تلاميذ مستعدِّين بالأعمال الصَّالحة. أعطانا الرَّبّ المَصَابيح، ولم يُعطنا الزَّيت، والزَّيت هي أعمالنا الحسنة، التي بها يبقى مصابيحنا مشتعلة. لا نستطيع أن نطلب واجباتنا من الغير، كما فعلن العَذارى الجَاهِلات بطلب الزَّيت من العَاقِلات. لقد وضع الرَّبّ علينا مسؤوليّة الحفاظ على مصابيحنا مشتعلة، لنستقبله؛ ومسؤوليّتنا هي أن تبقى مصابيحنا مشعّة من نور الأعمال الصَّالحة والمَحبَّة. ويدعونا مَثل العَذارى إلى هذه المسؤولية من خلال أعمالنا الصَّالحة استعدادًا لملاقاة الرَّبّ، لأنّ ما نحمله بين يدينا يكون مقياس دينونتا، ومن هذا المنطلق لنشتري زيت المَحبَّة والرَّحمة والأعمال الصَّالحة قبل مجيئه. ثانياً: السَّهر بمعنى الالتزام لمجيء الرَّبّ في حياتنا اليوميّة، استعدادًا لمجيئه في ساعة موتنا، ولمجيئه بالمَجد في نهاية الأزمنة. حثّ المسيح التَّلاميذ على عَيش حياة لا غبار عليها، موصيًا إياهم بالسَّهر على أنفسهم دون كَلل؛ وهذا الالتزام يتطلب التماس العون الإلهي، ليس في زمن صراع آخر الأزمنة فحسب، إنَّما أيضًا في الحياة اليوميَّة، كما ورد في الصَّلاة الرَّبّية "أُرْزُقْنا اليومَ خُبْزَ يَومِنا ولا تَترُكْنا نَتَعرَّضُ لِلتَّجربة بل نَجِّنا مِنَ الشَّرِّير" (متَّى6:11-13). ويبيِّنُ بولس الرَّسُول الأسلحةَ التي يستخدِمُها المؤمن في مقاومةِ الخَصمِ فيقول: "جَهدٌ وَكَدٌّ، سَهَرٌ كَثِيرٌ، جُوعٌ وَعَطَشٌ، صَومٌ كَثِيرٌ، بَردٌ وَعُرْيٌ" (2 قورنتس 11: 27). ويعلق القدّيس مكسيمُس الطورينيّ " إنّ الصَّومَ يشفي الرُّوحَ الضعيفة، والصَّلاة تغذّي النُّفس المتديّنة، والسَّهر يُبعِد مكائدَ الشَّيطان"(العظة 28). طُّوبى "أولَئِكَ الخَدَمِ الَّذِينَ إذَا جَاءَ سَيِّدُهُمْ وَجَدَهُم سَاهِرِينَ" (لوقا 12: 37). ثالثا: السَّهر بمعنى الحَذر أي البَقاء في حالة الاحتراس، وهذا الأمر يتطلّب الانسلاخ عن المَلذَّات والخَيرات الأرضية والشَّهوات "فاحذَروا أَن يُثقِلَ قُلوبَكُمُ السَّكْرُ والقُصوفُ وهُمومُ الحَياةِ الدُّنيا، فَيُباغِتَكم ذلِكَ اليَومُ" (لوقا 21: 34). لذلك تتطلب خدمة الله التَّخلي عن المُغريات المادية التي يقدّمها عَالَم الشَّيطان. وفي هذا الصَّدد يقول القديس أنطونيوس الكبير:"أنا أطلب إليكم باسم ربنا يسوع المسيح أن لا تتوانوا عن حياتكم وخلاصكم، ولا تَدَعوا هذا الزَّمان الزَّائل يسرق منكم الحياة الأبدية، ولا هذا الجسد اللحمي الفاني يُبعدكم عن المملكة النُّورانية، ولا هذا الكرسي الفاني الهالك ينُزلكم عن كراسي محفل الملائكة". رابعا: السَّهر بمعنى اليقظة، عندما ينامُ الجسدُ يسيطرُ الضعفُ على طبيعتِنا. وليس ذلك بإرادتِنا، ولكنَّه يتِمُّ بقوَّةِ دفعِ الطَّبيعةِ نفسِها. وعندما يسيطرُ على النُّفسِ سباتٌ عميقٌ مثلُ الضعفِ أو القلقِ والاضطِّرابِ يسيطرُ عليها العدوُّ. فأمرَ السيِّدُ المسيحُ بالسَّهرِ نفسًا وجسدًا: للجسدِ لِيحذَرَ النعاس، وللنفسِ لتحذرَ النعاسَ والضعفَ، كما قال بولس الرَّسُول: "اصحُوا، أيُّها الأبرَارُ" (1 قورنتس 15: 34). تقوم اليقظة على الحَيطة من أي شيء يُطفئ حرارة عمل الرُّوح القُدس في القلب، كما يقول بولس الرَّسُول "لا تُخمِدوا الرُّوح" (1 تسالونيقي 5: 19). وتتطلب اليقظة البقاء في يقظة القلب الدَّاخلي، كما يقول صاحب نشيد الأناشيد " إِنِّي نائِمَةٌ وقَلْبي مُستَيقِظ" (نشيد الأناشيد 5: 2)، وذلك لمُقاومة الظُّلمات والشَّر، لان ضَعْفَ ٱلْجَسَدِ يُمْكِنُ أَنْ يُؤَثِّرَ سَلْبًا عَلَى ٱنْدِفَاعِ ٱلرُّوحِ، لذا قد يتعرّض المسيحي بان يداهمه مجيء المسيح الثَّاني، كما يقول القديس بولس الرَّسُول " فلا نَنامَنَّ كما يَفعَلُ سائِرُ النُّاس، بل علَينا أَن نَسهَرَ ونَحنُ صاحون " (1 تسالونيقي 5: 6). ويحثّنا الرَّبّ على إبقاء نفوسنا في تيقّظ مُستمرّ، وعلى طرد ذاك الخُمول المُغري من عيوننا. ويُعلق القديس غريغوريوس النيصيّ "الفتور والنعاس يشدّان المرء إلى ارتكاب الأخطاء ويختلقان صورًا خياليّة: الشَّرف والثَّراء والقوّة والعظمة واللذّة والنُّجاح والفائدة والشَّهرة". لنصرخ مع التَّلاميذ: يا معلّم، تعال أيقظنا كما فعلت مع تلاميذك الذين كانوا نائمين أثناء آلامك في بستان الزَّيتون: ما بالُكُم نائِمين؟ قُوموا فصَلُّوا لِئَلاَّ تَقَعوا في التَّجرِبَة " لوقا 22: 46). خامساً: السَّهر بمعنى سماع صوت الرَّبّ بحكمة. الفرق بين الحكيمات والجَاهِلات لم يكن في القدرة على الانتظار، بل كان في الحِكمة الرُّوحيّة. قال الرَّبّ يسوع: "فَفِي نِصْفِ اللَّيْلِ صَارَ صُرَاخٌ: هُوَذَا العَريس مُقْبِلٌ، فَاخْرُجْنَ لِلِقَائِهِ"! (متَّى 25: 6). يُظهر لنا الرَّبّ أن العَذارى الحكيمات كان لديهن قلبًا حكيمًا يسمع صوت الرَّبّ وقدرةً على التَّعرف عليه وتمييزه والتَّرحيب بعودته، وحضور وليمته. ويُذكرنا صاحب سفر الرُّؤيا بقدرتنا على سماع صوت الله، "مَن كانَ لَه أُذُنان، فلْيَسمع ما يَقولُ الرُّوحُ لِلكَنائِس" (رؤيا 3: 6)، وفي موضع آخر "هاءَنَذَا واقِفٌ على البابِ أَقرَعُه، فإِن سَمِعَ أَحَدٌ صَوتي وفَتَحَ الباب، دَخَلتُ إِلَيه وتَعَشَّيتُ معه وتَعَشَّى معي" (رؤيا 3: 20). لذلك يناشد بولس الرَّسُول المؤمنين " تَبَصُّرًا حَسَنًا في سيرتِكم فلا تسيروا سيرةَ الجُهَلاء، بل سيرةَ العُقَلاء، مُنتَهِزينَ الوَقتَ الحاضِر، لأَنَّ هذِه الأَيَّامَ سَيِّئَة. فإِيَّاكم أَن تَكونوا مِنَ الأَغبِياء، بلِ أفهَموا ما هي مَشيئَةُ الرَّبّ " (أفسس 5: 15-17). سادسا: السَّهر بمعنى القناعة: يتطلب السَّهر القناعة، أي التَّخلّي عن كلّ ما من شأنه أن يُلهي عن انتظار الرَّبّ. وفي الواقع، يدعو بولس الرَّسُول إلى القناعة بالتَّخلي عن أَعمالَ الظَّلام، وهي: " لا قَصْفٌ ولا سُكْر، ولا فاحِشَةٌ ولا فُجور، ولا خِصامٌ ولا حَسَد " لاستقبال الخَلاص النهائي (رومة 13: 11-14). ويعلق القدّيس غريغوريوس النيصي "الشَّخص المُحصّن بالقناعة يعيش وسط نور ضمير نقيّ، لأنّ الثِّقة البَنويّة تُنير حياته كسراج. فبعد إضاءة نفسه بالحقيقة، لا يُمكن أن تستسلم تلك النُّفس لنُعاس الوَهم، لأنّها تبقى بعيدة عن كلّ حُلم باطل". سابعا: السَّهر بمعنى الجِهاد الرُّوحي: الجِهاد الرُّوحي هو الكفاح ضد التَّجارب اليوميَّة عن طريق المُثابرة والانتظار لعودة يسوع، وذلك من خلال الصَّلاة. "فالصَّلاة، قال البابا بندكتس "تساعد على تخطّي تجارب الحياة". ومن هنا تكمن أهمية العمل بوصيَّة يسوع: " إِسهَروا وصَلُّوا لِئَلاَّ تَقَعوا في التَّجرِبَة. الرُّوحُ مُندَفع وأمَّا الجَسدُ فضَعيف" (متَّى 25: 41). الجِهاد الرُّوحي هو عكس الإهمال الرُّوحي، ويأتي بمعنى النهوض من السَّقوط مع عدم الكسل والتَّراخي مع ترقُّبٍ دائم ٍومستمرٍ لئلا يسقط الإنسان مرة أخرى "طوبى لأُولِئكَ الخَدَم الَّذينَ إِذا جاءَ سَيِّدُهم وَجَدَهم ساهِرين. الحَقَّ أَقولُ لكم إِنَّه يَشُدُّ وَسَطَه ويُجلِسُهُم لِلطَّعام، ويَدورُ علَيهم يَخدُمُهم"(لوقا 12: 37). فالجِهاد الرُّوحي صراع متواصل، وجُهد لا يعرف الكلل. ويعلق القدّيس غريغوريوس الكبير "لا نُفكِّرنَّ فقط في عمل الخَير، بل لنَسهرَنَّ أيضًا على أفكارنا كي نُبقيها نقيّة في أعمالنا الصَّالحة. فإن كانت مصدر غرور أو كبرياء في قلوبنا، هذا يعني أنّنا نجاهدُ من أجل مجدٍ باطلٍ فقط، وليس من أجل مجدِ الخَالق" (الأخلاقيات). ثامنا: السَّهر بمعنى الحِراسة. تتطلب الحراسة أن يكون الإنسان مُتيقظًا منتبهًا لأيِّ هُجوم ٍ قد يُشن عليه أو مُباغتة يُفاجأ بها. إنّ طريقة الشَّيطان هي أن يمزج دائمًا الحقيقة في الخَطأ المُتخفّي وراء مظاهر وألوان الحقيقة، كي يتمكَّن بسهولة من الإيقاع بالذين ينخدعون بسهولة. ومن هنا ضرورة قيامنا بحراسة شديدة التَّيقّظ. لذا، قال الرَّبّ "والَّذي يَثبُتُ إلى النِّهاية فذاكَ الَّذي يَخلُص" (متَّى 10: 22). ويُعلق الطوباويّ يوحنّا هنري نيومان "لم يقل في هذه المرّة متَى يكون ذلك، بل تركنا سَاهرين في حراسة الإيمان والمَحبَّة... ذلك بأنّه علينا، لا أن نؤمن فقط، بل أن نسهر. ولا أن نحب فقط، بل أن نسهر. ولا أن نطيع فقط، بل أن نسهر. لماذا نسهر؟ انتظارًا للحدث العظيم الذي هو مجيء الرَّبّ يسوع المسيح. يبدو أنّ هناك واجب خاصّ يُعطى لنا، فلا يكفي أن نؤمن ونخاف ونحبّ ونطيع، بل يجب أن نسهر، وأن نسهر للرّبِّ يسوع المسيح ومعه". (عظات عظة بعنوان السَّهر). ليس من المهم الخَوف أو القلق من أن نتفاجأ في عودة يسوع، المُهم السَّهر في المَحبَّة، إذ ليس هناك ساعة متأخرة لقلب عاشق ينتظر محبوبه في منتصف الليل أو بعد ذلك. تاسعًا: السَّهر بمعنى الرُّسوخ في الإيمان. لا بُدَّ من الرُّسوخ في الإيمان إزاء أخطار الحياة الحاضرة، والسَّهر يقتضي إيماننا لا ييأس من طول الانتظار؛ وقد عبّر عن ذلك القديس بطرس بقوله: "كونوا قَنوعينَ ساهِرين. إِنَّ إِبليسَ خًصْمَكم كالأَسدِ الزَّائِرِ يَرودُ في طَلَبِ فَريسةٍ لَه، فقاوِموه راسِخينَ في الإِيمان" (1 بطرس 5: 8). فان الشَّيطان ومعاونوه يرصدون المسيحي المؤمن باستمرار، والحقد عليه تغلي فيهم، ليحملوه على إنكار المسيح. ويعلق القدّيس أوغسطينوس " يتحضّر حتمًا الّذين يسهرون في العفّة والطَّهارة والإيمان ليحيوا حياة كالملائكة؛ وفي مواجهة عبء الموت يجدون في الحياة الأبديَّة نِعمةً" (العظة الثَّانية عن العشيّة الفصيّحة). عاشرًا: السَّهر بمعنى التَّنبّه من الذئاب الخَاطفة. يوصي بولس الرَّسُول المؤمنين بقوله: " تَنَبَّهوا لأَنفُسِكم ولِجَميعِ القَطيعِ الَّذي جَعَلَكُمُ الرُّوحُ القُدُسُ حُرَّاسًا لَه لِتَسهَروا على كَنيسَةِ اللهِ " والدَّفاع عنها ضد "الذئاب الخَاطفة " (أعمال 20: 28-31). وهو تنبيه إلى واجب التَّوبة استعدادًا للقاء الرَّبّ " إِنِّي لا أَعرِفُكُنَّ! فَاسهَروا إِذاً، لأَنَّكم لا تَعلَمونَ اليومَ ولا السَّاعة" (متَّى 25: 12-13). وليس مجي المسيح في وقت غير متوقع مصيدة يقنصنا به الله ونحن في غفلة، إنَّما يريد الله أن يتيح فرصة للتوبة، كما جاء في تعليم بطرس الرَّسُول " إِنَّ الرَّبَّ لا يُبطِئُ في إِنجازِ وَعْدِه، كما اتَّهَمَه بَعْضُ النُّاس، ولكِنَّه يَصبرُ علَيكم لأَنَّه لا يَشاءُ أَن يَهلِكَ أَحَدٌ، بل أَن يَبلُغَ جَميعُ النُّاسِ إلى التَّوبَة " (2 بطرس 3: 9). لذلك يقول الرَّبّ " لِتَكُنْ أَوساطُكُم مَشدودة، ولْتَكُنْ سُرُجُكُم مُوقَدَة، وكونوا مِثلَ رِجالٍ يَنتَظِرونَ رُجوعَ سَيِّدِهم مِنَ العُرس، حتَّى إِذا جاءَ وقَرَعَ البابَ يَفتَحونَ لَه مِن وَقتِهِم. طوبى لأُولِئكَ الخَدَم الَّذينَ إِذا جاءَ سَيِّدُهم وَجَدَهم ساهِرين " (لوقا 12: 35-36). فَاسهَروا إِذاً، لأَنَّكُم لا تَعلَمونَ أَيَّ يَومٍ يَأتي ربُّكم". ويعلق القدّيس البابا يوحنّا بولس الثَّاني "تُذكّرُني هذه الكلمات بالنِّداء الأخير الذي سيحلّ في اللحظة التَّي يريدها الرَّبّ. أرغب في أن أستجيب لذلك النِّداء وأن يكون كلّ ما في حياتي على هذه الأرض سبيلاً لأستعدّ لتلك اللحظة. لا أعلم متى سيأتي ولكنِّي أضع تلك اللحظة بين يَدَيْ والدة معلّمي، تمامًا كما أضع كلّ شيء بين يديها: "كُلّي لك" (Totus Tuus). في هاتين اليدين الأموميّتين، أستودع كلّ ما لديّ وكلّ من تقرّبْتُ منهم في خلال حياتي ودعوتي. وفوق كلّ شيء، أضع بين يديها الكنيسة وأمّتي والإنسانيّة جمعاء. وأتوجّه بالشَّكر لكلّ فرد. وأعتذرُ من كلّ فرد. كما أطلب الصَّلاة لكي تكون رحمة الله أعظمَ من ضُعفي وعدم جدارتي" (الوصيّة) حادي عشر: السَّهر بمعنى القيامة من بين الأموات إذ يحمل السَّهر قوة القيامة ليُبصر الإنسان نورَ الله، كما جاء في تعليم بولس الرَّسُول " تَنبَّهْ أَيُّها النُّائِم وقُم مِن بَينِ الأَمْوات يُضِئْ لَك المسيح" (أفسس 5: 14). فالرَّبّ يحثُّنا على البحث عن الحقائق العُلويّة "أمَّا وقد قُمتُم مع المسيح، فاسعَوا إلى الأُمورِ الَّتي في العُلى حَيثُ المسيحُ قد جَلَسَ عن يَمينِ الله" (قولسي 3: 1). فنحن كلنا نهتف مع الكنيسة في كل قداس كعلامة الاستعداد الدَّاخلي وترقب مجيء الرَّبّ في أي لحظة قائلين" إننا نُبشِّر بموتك، ونعترف بقيامتك، إلى أن تأتي، يا رب". ويعلق القديس كيرلس الاورشليمي "نحن لا نتوقَّفُ عندَ مجيئِه الأوّل، بل ننتظرُ مجيئَه الثَّاني. قُلْنا في المجيءِ الأوَّل: "مبارَكٌ الآتي باسمِ الرَّبِّ"، ونُردِّدُ في المجيءِ الثَّاني الهتافَ نفسَه، حتى إذا ذهَبْنا لمُلاقَاة الرَّبِّ مع الملائكةِ سجَدْنا له قائلين: "مباركٌ الآتي باسمِ الرَّبِّ" (تعليم 15، 1-3). فلنُرنِّم مع صاحب المزامير "ظَمِئَت نَفْسي إلى الله، إلى الإِلهِ الحَيّ متى آتي وأَحضُرُ أمَّامَ الله؟" (مزمور 42: 3)، ويُعلق القديس أوغسطينوس "لقدّ جعلتنا لك، يا رب، ولن يهدأ قلبنا إلى أن يرتاح فيك!". وباختصار، حياتنا استعدادٌ دائمٌ للقاء الرَّبّ والدخول في علاقة حبِّ أبديّ معه. |
|