المعلم يعقوب الأمير أو الجنرال | يعقوب حنا | يعقوب يوحنا
المعلم يعقوب يوحنا من مشاهير الأقباط في القرن الثامن عشر، وهو أول قبطي ألَّف جيشًا قبطيًا بقيادته، وأول مصري وضع مشروعًا لاستقلال مصر عن الدولة العليا وعن حكم المماليك، إذ أرادها بلادًا حرة خالصة لأهلها ولكن المنيّة لم تمهله حتى ينال موافقة الدول على الاستقلال. تعرّف به الفرنسيون حال احتلالهم لمصر، ونظرًا لأن الرجل كان فارسًا شجاعًا ألقيت على عاتقه مهام لا يستطيع غيره النهوض بأعبائها، ولكنه أدّاها على خير ما يرام وبأفضل أسلوب للوصول إلى تحرير البلاد من نير المماليك والترك. وقد نهض وحده بأعباء تموين الحملة الفرنسية والجيوش المتفرقة على طول النيل، بل ونهض أيضًا بإدارة ماليَّة الوجه القبلي كله، وهذه المقدرة الفائقة جعلت للمعلم يعقوب كلمة مسموعة في الشئون الإدارية والمالية. كما كان له الفضل في تنظيم فرقة من السعاة (الهجانة) تتولى أعمال البريد، وقد أعجب بها الفرنسيون إذ جعلت الاتصال دائم بين القيادة والجنود في الشمال والجنوب.
الجنرال المعلم يعقوب حنا الأمير
إذ رأى أن مصر محرومة من جيش وطني يمكن الاعتماد عليه فكر في تأليف فرقة قبطية واتفق مع الفرنسيين على ذلك، فجمع من الصعيد نحو ألفين قبلهم الفرنسيون ودرّبوهم على حمل السلاح والقتال، وتعلم يعقوب الحركات العسكرية وترأس الفرقة القبطية وأُلحِق بخدمة الجيش الفرنسي ومُنِح رتبة جنرال (قائد). إلا أن أباء الشبان الأقباط وأهلهم لم يكونوا قد ألِفوا هذه الخدمة، فلجأوا إلى الأنبا مرقس البطريرك 101 ليتوسط لهم لدى الجنرال يعقوب حتى يطلق سراح أولادهم، فلم يذعن له وبنى قلعة بجهة الجامع الأحمر بالأزبكية وسماها قلعة يعقوب. لما دُبِرت مكيدة لاغتيال الأقباط وجّه يعقوب كل همه للدفاع عن إخوانه أقباط القاهرة، وبدأ يهدم بعض البيوت التي خُربت في الحوادث الأخيرة، وبنى بأنقاضها سورًا عاليًا منيعًا حول الحي الذي جمع الأقباط فيه، وشيّد أبراجًا فوقه داخل السور وعمل للسور بوابتين ورتب جنديين قبطيين يقفان على كل باب، والسلاح على أكتافهما لمنع كل من يحاول الدخول، فأصبح المكان حصينًا وتمكّن يعقوب من أن ينجّي قومه من مذبحة مريعة. لم يكن في إمكان يعقوب البقاء في مصر بعد خروج الفرنسيين منها، فخرج مع الجيش الفرنسي هو وأكثر رجال فرقته خشية اضطهاد المسلمين لهم، لأن الفرنسيين كانوا قد ولّوا منهم أفرادًا في مناصب عالية. وقد توفّي الجنرال يعقوب في السفينة في طريقه لفرنسا بعد ستة أيام من رحيله، وذلك في يوم 16 أغسطس سنة 1801 م.، وتقديرًا لمكانته حفظ الأطباء جثته ولم يلقوها في البحر كالمعتاد وحملوها معهم إلى أن وصلوا إلى بلادهم حيث دفنوه هناك.
قبل مرضه، اتصل بقائدها جوزيف إدموندس وأخذ يحدثه بما كان يجول في نفسه عن مستقبل بلاده، وكاشفه بما أعده من مشروعات لاستقلال مصر. ولم يحضر هذا الحديث سوى سكرتيره لاسكاريس، ولما توفي يعقوب تولى لاسكاريس تدوين ذلك الحديث في مذكرات قدمها إلى جوزيف إدموندس وبسط فيها مشروع الاستقلال ونوع الحكومة الوطنية التي تؤلَف في ظل هذا الاستقلال، وطلب من القومندان جوزيف إدموندس أن يبلغها للحكومة الإنجليزية. وبقيت هذه الوثائق محفوظة في وزارة الخارجية إلى أن عثر عليها من سنوات. خلافاته مع البطريرك:
قيل أن العلاقة بينه وبين البطريرك لم تكن على ما يرام وذلك بسبب أخذه لامرأة من غير جنسه بطريقة غير شرعية ومخالفته لقومه في الزي والحركات، حتى أنه لما مات طلبت زوجته الاستيلاء على ما يخصها في تِركته فعارضها إخوته بدعوى أنها غير شرعية.كما يمكننا أن نضيف أن الجنرال يعقوب كثيرًا ما اتخذ موقفًا معاديًا من الكنيسة، كما أنه رغم ما يملكه من أموال طائلة لم يرمم كنيسة واحدة ولم يوقف على أية كنيسة شيئًا من ماله.