رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إشعياء خلاص اللّه وقد رأى إشعياء عمانوئيل ، والابن العجيب ، الإله السرمدى ، يتدخل بالخلاص فى حياة الأمة ، ويكفى أن نركز أبصارنا آخر الأمر على الأصحاح الثالث والخمسين من سفر إشعياء ، .. وقد صاح جيروم عندما بدأ فى ترجمته من العبرانية إلى اللاتينية وهو يقول : « بالتأكيد إن هذا الأصحاح من مبشر فى العهد الجديد أكثر منه من نبى فى العهد القديم !! .. وقال ديلتش العالم الألمانى العظيم فى اللغة العبرانية والمفسر المشهور فى القرن التاسع عشر : « إن الأصحاح الثالث والخمسين من سفر إشعياء ، يبدو كما لو أن كاتبه كتبه وهو تحت الصليب فى الجلجثة ... إن هذا الأصحاح هو الأصحاح المركزى ، إنه أعمق وأسمى أصحاح ، فى العهد القديم » ، وقد حاول البعض أن يعتبره موجهاً إلى إسرائيل ورمزاً له ، لكن هؤلاء لم يستطيعوا أن يفسروا كيف ينطبق هذا على إسرائيل فى الأوضاع المختلفة ، وهو يشير إلى فرد بوضوح لا يقبل شكاً ، بل إن هذا الأصحاح يتحدث عن شخص سيكون ضحية لأجل آخرين وإسرائيل لم يكن فى يوم من الأيام هذه الضحية ، .. إن هذا الأصحاح هو حديث عن المسيح لا سواه !! .. ولعله من الملاحظ أن الجزء الأخير من الأصحاح الثانى والخمسين ، وهو مرتبط تماماً بالأصحاح الثالث والخمسين ، قد تحدث عن مجد المسيح، قبل أن يتحدث عن اتضاعه ، وهو يرينا الحقيقة المؤكدة قى قصد اللّه الأزلى ، أن الصليب سينتهى إلى المجد ، وهذا المجد ليس أكيداً فحسب ، بل هو عظيم ورائع أيضاً !! .. فإن نصرته ستكون حاسمة ، وستسكت الملوك والأمراء والأمم والأجيال!!.. ومن المؤسف أن إسرائيل كثيراً ما رفض أن يصدق ما أعلنه الرب ، وأظهر به ذاته وذراعه ، ... وقد نبتت آلام عبد الرب أو المسيح من مولده فهو العود الرطب الذى نبتت فى الأرض اليابسة ، وجاء من أم فقيرة قروية ، ولم يكن له أين يسند رأسه ، ومع أنه أبرع جمالا من بنى البشر ، إلا أن الحياة القاسية التى وجد فيها ، لم تجعل الناس يتطلعون إليه ليبصروا جماله أو يشتهوا منظره ... إن مأساة البشر أنهم ينظرون إلى الجمال عندما تحــــف به المظاهر الخداعة ، والأوضاع الشكلية ، .. وعندما جاء المسيح إلى أرضنا خلواً من هذه المظاهر احتقره الناس ، ولم يحتقروه فحسب ، بل خذلوه أيضاً ، أو فى لغة أخرى ، إن الاحتقار لم يكن سلبياً ساكناً فحسب ، بل أكثر من ذلك كان متحركاً موجعاً ، قد يحتقر إنسان آخر دون أن يتعامل معه ، ويظل احتقاره تعبيراً دفيناً فى القلب ، ولكن المسيح لم يحتقر فحسب ، بل خذل من الناس الذين رفضوا مجيئه ونداءه ورجاءه وشركته . وقد تحول هذا إلى وجع عميق فى قلبه . وإلى حزن عميق فى نفسه ، فحوله إلى رجل أوجاع ومختبر الحزن . وما يزال المسيح إلى اليوم يعانى من هذا الوضع من الكثيرين فما يزال الكثيرون يحتقرونه ، ويخذلون آماله فيهم ، ومايزال يبدو أمامنا ، وقد رفضه الناس ، رجل الأوجاع والخبير بالألم والحزن العميق . ومن الملاحظ أن النبى كشف عن الألم النيابى للمسيح ، إذ أن الذين رأوا الألم فى ظاهره ظنوه ألماً أصيلا أو عقاباً : « ونحن حسبناه مصاباً مضروباً من اللّه مذلولاً » .. " إش 53 : 4 " .. لكن الأمر لم يكن كذلك ، بل كان الألم النيابى الذى يحمله إنسان لأجل آخرين ، وقد حمل المسيح أحزان الناس وأوجاعهم ، إذ رفعها عن كاهلهم، لقد جال هو فى أرض فلسطين ، ورأى المرضى والمتألمين والحزانى ، فرفع عنهم أحزانهم وأوجاعهم ومراضهم وفى سبيل ذلك تعب هو وتوجع وأن ... على أنه فى المعنى الأعمق ، حمل عنا أوجاع الخطية وشرها وإثمها على الصليب ، ولم تكن الآلام النيابية آلاماً هينة ، بل كانت فى منتهى القسوة والعنف ، فهو لم يجرح من أجل معاصينا فحسب ، بل سحق أيضا بالحزن والعار الذى كسر قلبه ... ، ولم يؤدب ، بل ضرب بالسياط ، وقد كان هذا من أجلنا نحن العصاة الأثمة المتمردين ، ولم يكن هناك من سبيل إلى الخلاص من عصياننا وشرنا وتمردنا والعودة إلى السلام والصحة ، إلا بآلامه من أجلنا ، فهذه آلام كفارية تكفر عنا أمام اللّه ، وفى الوقت نفسه مطهرة تشفينا ، وتعيدنا إلى صوابنا عندما نقف أمام آلامه من أجلنا !! ... لقد ضللنا وأثمنا ، ولكنه كان هو حمل اللّه الذى يرفع خطية العالم !! .. على أنه من الواضح أيضاً أن آلام المسيح لم تكن قهراً أو رغماً عنه ، قد يؤخذ الجندى ليموت من أجل بلده ، ولكنه يؤخذ فى كثير من الأحايين قهراً ، أما المسيح فقد كان موته اختيارياً تطوعياً . ظلم فقبل الظلم والمذلة ، دون أن يحتج أو يشكو ، ولقد كان مثلا عجيباً فى تحمل الضغط والدينونة عندما حكم عليه ، وهكذا بدا فى موته عظيماً ، لأنه تطوع بهذا الموت لأجل الآخرين !! .. ومن العجيب أن تكون هذه الآلام برضى اللّه وسروره ، إذ سر بأن يسحقه بالحزن ، وقد سر اللّه بهذه الآلام إعلاناً عن محبته للخطاة ، وتأكيداً للنصر الذى سيتأتى عنها ، وقد كانت هذه مشورة الرب لخلاص البشر !! .. كان إشعياء - كما أسلفنا - يعنى « خلاص الرب » وقد أدنانا - فى حديثه عن سيادة الرب ، وقداسته ، والإيمان به - من الخلاص العجيب الذى أعده لنا اللّه كاملا على هضبة الجلجثة ، والذى يدعونا إليه بقوله العظيم الكريم : التفتوا إلى واخلصوا يا جميع أقاصى الأرض لأنى أنا اللّه وليس آخر » .. !! .. " إش 45 : 22 |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مَنْ يملك مغفرة الخطية الموجَّهة ضد اللّه غير اللّه |
عين اللّه تعالى جبرائيل أحد رؤساء الملائكة ومعنى اسمه «جبار اللّه» |
السلام لك يا مريم خلاص إشعياء |
إشعياء وقداسة اللّه |
إشعياء وسيادة اللّه |